والذوق يدرك العظم بأن يذوق (١) طعما كثيرا منتشرا ، ويدرك العدد بأن يجد طعوما كثيرة فى الأجسام ، وأما الحركة والسكون والشكل فيكاد أن يدركه (٢) أيضا ولكن ضعيفا ، يستعين فى ذلك (٣) باللمس. وأما الشم فيكاد لا يدرك (٤) به العظم والشكل والحركة والسكون إدراكا متمثلا فى الشام ، بل يدرك به العدد بأن يتمثل فى الشام ، ولكن النفس تدرك ذلك بضرب من القياس أو الوهم بأن تعلم أن الذي انقطعت رائحته دفعة قد زال والذي تبقى رائحته هو ثابت. وأما السمع فإن العظم لا يدركه ولكن السمع قد يدل النفس عليه (٥) دلالة غير مستمرة على الدوام ، (٦) وذلك من جهة أن الأصوات العظيمة قد ينسبها إلى أجسام عظيمة ، وكثيرا ما تكون من أشياء صغيرة وبالعكس. ولكن قد يدرك العدد ويدرك (٧) الحركة والسكون بما يعرض للصوت الممتد من ثبات أو اضمحلال يكون مصيره إلى ذلك الاختلاف فى تحدد (٨) مثل ذلك البعد. ولكن هذا الإدراك من جملة ما تدركه (٩) النفس للعادة التي عرفتها. وقد يمكن أن يسمع الصوت عن الساكن على هيئة (١٠) الصوت الذي يسمع عن المتحرك وعن المتحرك على هيئة الذي يسمع عن الساكن ، فلا تكون هذه الدلالة مركونا إليها ولا تجب وجوبا ، بل تكون فى أكثر الأمر. وأما الشكل فلا يدركه السمع إلا شكل الصوت لا شكل الجسم ، وأما الذي يسمع عن المجوف فيوقف على تجويفه فهو شىء يعرض للنفس وتعرفه النفس على سبيل الاستدلال. وتأمل (١١) مذهب العادة فيه ويشبه أن يكون حال البصر فى كثير مما يدركه هذه الحال أيضا إلا أن إدراك البصر لما يدركه من (١٢) ذلك أظهر.
فهذه هى (١٣) المحسوسات التي تسمى مشتركة ، إذ قد تشترك فيها عدة من الحواس.
__________________
(١) يذوق : يدرك ك.
(٢) يدركه : يدركهما م.
(٣) فى ذلك : ساقطة من م
(٤) لا يدرك : أن يدركه م.
(٥) النفس عليه : عليه النفس ك ، م
(٦) الدوام : الدوم ف ، م.
(٧) ويدرك : وقد يدرك ك.
(٨) تحدد : تجدد م.
(٩) ما تدركه : ما تدرك ك.
(١٠) الصوت ... هيئة : ساقطة من د.
(١١) وتأمل : وتأميل م.
(١٢) من : عن ك.
(١٣) هى : ساقطة من م.