الخوف حتى تضعف النفس وتكاد تجوز ما لا يكون وتكون منصرفة عن العقل جملة لضعفها ولخوفها (١) وقوع أمور جسدانية فكأنها (٢) تترك العقل وتدبيره ـ أمكن (٣) التخيل حينئذ أن يقوى ويقبل على المصورة ويستعملها ويتقوى اجتماعهما (٤) معا فتصير المصورة أظهر فعلا فتلوح الصور (٥) التي فى المصورة فى الحاس المشترك فترى كأنها موجودة خارجا ، لأن الأثر المدرك من الوارد من خارج ومن الوارد من داخل هو ما يتمثل فيها (٦) وإنما يختلف بالنسبة. وإذا كان المحسوس بالحقيقة هو ما يتمثل ، فإذا تمثل كان حاله كحال ما يرد من خارج. ولهذا ما يرى الإنسان المجنون والخائف والضعيف والنائم أشباحا قائمة كما يراها فى حال السلامة بالحقيقة ويسمع أصواتا كذلك ، فإذا تدارك التمييز (٧) أو العقل شيئا من ذلك وجذب (٨) القوة المتخيلة إلى نفسه بالتنبيه اضمحلت تلك الصور (٩) والخيالات.
وقد يتفق فى بعض الناس أن تخلق فيه القوة المتخيلة شديدة جدا غالبة حتى أنها لا تستولى (١٠) عليها الحواس ولا تعصيها المصورة ، وتكون النفس أيضا قوية لا يبطل التفاتها إلى العقل وما قبل العقل انصبابها إلى الحواس. فهؤلاء يكون لهم فى اليقظة ما يكون لغيرهم فى المنام من الحالة التي سنخبر عنها بعد وهى حالة إدراك النائم (١١) مغيبات يتحققها بحالها أو بأمثلة تكون لها. فإن هؤلاء قد يعرض لهم مثلها فى اليقظة ، وكثيرا ما يكون لهم فى توسط ذلك أن يغيبوا آخر الأمر عن المحسوسات ويصيبهم كالإغماء وكثيرا ما لا يكون ، وكثيرا ما (١٢) يرون الشىء بحاله ، وكثيرا ما يتخيل لهم مثاله للسبب الذي يتخيل للنائم مثال ما يراه مما نوضحه بعد ، وكثيرا ما يتمثل لهم شبح ويتخيلون أن ما (١٣) يدركونه خطاب من ذلك الشبح بألفاظ مسموعة تحفظ (١٤) وتتلى ، وهذه هى النبوة الخاصة بالقوة المتخيلة. وهاهنا نبوات أخرى (١٥) سيتضح أمرها.
__________________
(١) ولخوفها : ولحوقها م
(٢) فكأنها : فكأنه م
(٣) أمكن : أنكر م.
(٤) اجتماعهما : اجتماعها م.
(٥) الصور : الصورة ك.
(٦) فيها : فيه ف.
(٧) التمييز : التميز ك
(٨) وجذب : وجدت م.
(٩) الصور : الصورة م.
(١٠) لا تستولى : تستولى د.
(١١) من الحالة ... النائم : ساقطة من م.
(١٢) ما لا يكون وكثيرا : ساقطة من د.
(١٣) أن ما : إنما ما ك.
(١٤) نحفظ : تحفظه ك ، م.
(١٥) نبوات : قوات د.