الفصل الثالث (١)
فى أفعال القوى (٢) المتذكرة والوهمية وفى أن
أفعال هذه القوى كلها بآلات جسمانية
كأنا (٣) قد استقصينا القول فى حال المتخيلة والمصورة. فيجب أن نتكلم فى حال المتذكرة ، وما بينها وبين المفكرة ، وفى حال الوهم ، فنقول : إن الوهم هو الحاكم الأكبر فى الحيوان ، ويحكم سبيل انبعاث تخيلى من غير أن يكون ذلك محققا ؛ وهذا (٤) مثل ما يعرض للإنسان من استقذار العسل لمشابهته (٥) المرار ، فإن الوهم يحكم بأنه فى حكم ذلك ، وتتبع النفس ذلك الوهم وإن كان العقل يكذبه. والحيوانات وأشباهها من الناس إنما يتبعون فى أفعالهم هذا الحكم من الوهم الذي لا تفصيل منطقيا (٦) له ، بل هو على سبيل انبعاث ما فقط ، وإن كان الإنسان قد يعرض لحواسه وقواه بسبب (٧) مجاورة النطق ما يكاد أن تصير قواه الباطنة نطقية مخالفة للبهائم. فلذلك يصيب من فوائد الأصوات المؤلفة والألوان المؤلفة والروائح والطعوم المؤلفة ومن الرجاء والتمنى أمورا لا تصيبها الحيوانات الأخرى ، لأن نور النطق كأنه فائض سائح على هذه القوى. وهذا التخيل أيضا الذي للإنسان قد صار موضوعا للنطق بعد ما أنه موضوع للوهم فى الحيوانات ، حتى أنه ينتفع به فى العلوم (٨) وصار ذكره (٩) أيضا نافعا فى العلوم كالتجارب التي تحصل (١٠) بالذكر والأرصاد الجزئية وغير ذلك.
__________________
(١) الفصل الثالث : فصل ٣ ف.
(٢) القوى : القوة م.
(٣) كأنا : كما ف.
(٤) وهذا : ساقطة من م
(٥) لمشابهته : لمشابهة د ، ك ؛ لمشابهته ف.
(٦) منطقيا : نطقيا ك.
(٧) بسبب : بحسب د ؛ لسبب ك.
(٨) فى العلوم ... نافعا : ساقطة من د
(٩) ذكره : ما ذكره م
(١٠) تحصل : يحفظها ك.