تحركت فى المصورة وتحرك معها ما قارنها من المعانى النافعة أو الضارة ، (١) وبالجملة المعنى (٢) الذي فى الذكر على سبيل الانتقال والاستعراض الذي فى طبيعة القوة المتخيلة فأحس الوهم بجميع ذلك معا (٣) فرأى المعنى مع تلك الصورة ، وهذا هو على سبيل يقارب (٤) التجربة ، ولهذا تخاف الكلاب المدر والخشب وغيرها. وقد تقع للوهم أحكام أخرى بسبيل التشبيه بأن تكون للشىء صورة تقارن معنى وهميا فى بعض المحسوسات وليس تقارن ذلك دائما وفى جميعها ، فيلتفت مع وجود تلك الصورة إلى معناها ، وقد يختلف. (٥)
فالوهم حاكم فى الحيوان يحتاج فى أفعاله إلى طاعة هذه القوى له ، وأكثر. ما يحتاج إليه هو الذكر والحس ؛ وأما المصورة فيحتاج إليها بسبب الذكر والتذكر والذكر (٦) قد يوجد فى سائر الحيوانات ، وأما التذكر وهو الاحتيال لاستعادة ما اندرس فلا يوجد على ما أظن إلا فى الإنسان ، وذلك لأن (٧) الاستدلال على أن شيئا كان ففات (٨) إنما يكون للقوة النطقية ، وإن كان لغير النطقية فعسى أن يكون للوهم المزين بالنطق. فسائر الحيوانات إن ذكرت ذكرت ، وإن لم تذكر (٩) لم تشتق إلى التذكر ، ولم يخطر لها ذلك بالبال ، بل إن هذا الشوق والطلب هو للإنسان.
والتذكر هو (١٠) مضاف إلى أمر كان موجودا فى النفس فى الزمان الماضى ، ويشاكل التعلم من جهة ويخالفه من جهة. أما مشاكلته للتعلم فلأن التذكر انتقال من أمور (١١) تدرك ظاهرا أو باطنا إلى أمور غيرها ، وكذلك التعلم فإنه أيضا انتقال من معلوم إلى مجهول ليعلم ، لكن التذكر هو طلب أن يحصل فى المستقبل مثل ما كان حاصلا فى الماضى ، والتعلم ليس إلا (١٢) أن يحصل فى المستقبل شىء آخر ، وأيضا فإن التذكر ليس يصار إلى الغرض فيه من أشياء توجب حصول الغرض ضرورة ، (١٣)
__________________
(١) أو الضارة : والضارة د.
(٢) وبالجملة المعنى : والمعنى د.
(٣) معا : ساقطة من م.
(٤) يقارب : تقارن ك.
(٥) يختلف : يخلف د ، ف.
(٦) والذكر : ساقطة من م.
(٧) لأن : أن ك ، م.
(٨) ففات : فغاب ك ، م.
(٩) لم تذكر : ساقطة من م.
(١٠) هو : ساقطة من د.
(١١) أمور : أمر د ، ف ، م.
(١٢) إلا : ساقطة من د.
(١٣) حصول الغرض ضرورة : ضرورة حصول الغرض ك ، م.