الفصل الرابع (١)
فى أحوال القوى المحركة وضرب (٢) من النبوة المتعلقة بها
وإذ قلنا فى القوى المدركة من قوى النفس الحيوانية فخليق بنا أن نتكلم فى القوى المحركة منها (٣) فنقول : إن الحيوان ما لم يشتق اشتياقا إلى شىء شعر باشتياقه أو تخيله أو لم يشعر به ، لم ينبعث إلى طلبه بالحركة. وليس ذلك الشوق هو لشىء من القوى المدركة ، فليس لتلك القوى إلا الحكم والإدراك ، وليس يجب إذا حكم أو أدرك بحس أو وهم أن يشتاق (٤) ذلك الشىء ، فإن الناس يتفقون فى إدراك ما يحسون ويتخيلون من حيث يحسون ويتخيلون ، لكن (٥) يختلفون فيما يشتاقون إليه مما يحسون ويتخيلون. والإنسان الواحد قد يختلف حاله فى ذلك ، فإنه يتخيل الطعام فيشتاقه (٦) فى وقت الجوع ولا يشتاقه فى (٧) وقت الشبع. وأيضا فإن الحسن الأخلاق إذا تخيل اللذات المستكرهة لم يشتقها ، والآخر يشتاقها. وليس هذان (٨) الحالان للإنسان وحده ، بل وللحيوانات (٩) كلها.
والشوق قد يختلف ، فمنه ما يكون ضعيفا بعد ، (١٠) ومنه ما يشتد حتى يوجب الإجماع. (١١) والإجماع ليس هو الشوق فقد يشتد الشوق إلى الشىء ولا يجمع (١٢) على الحركة البتة ، كما أن التخيل يقوى فلا يشتاق إلى ما يتخيل ، فإذا صح الإجماع أطاعت القوى
__________________
(١) الفصل الرابع : فصل ٤ ف.
(٢) وضرب : وفى ضرب ك.
(٣) منها : ساقطة من د.
(٤) يشتاق : + إلى ك.
(٥) لكن : ولكن ك.
(٦) فيشتاقه : ويشتاقه ك ، م
(٧) وقت ... فى : ساقطة من م.
(٨) هذان : هذا ك
(٩) وللحيوانات : وللحيوان م.
(١٠) بعد : بعيدا ك
(١١) الإجماع : ساقطة من م.
(١٢) ولا يجمع : فلا يجمع د ، م.