ذلك أن يكون (١) إذا تأكدت الصورة فى نفسه وفى وهمه انفعل منها عنصره فكانت الصحة أو المرض ، ويكون ذلك أبلغ مما يفعله الطبيب بآلات ووسائط. ولهذا السبب ما يمكن (٢) الإنسان مثلا أن يعدو على جذع مطروح (٣) فى القارعة من الطريق وإن كان موضوعا كالجسر (٤) وتحته هاوية لم يجسر أن يمشى عليه دبيبا إلا بالهوينا ، لأنه يتخيل فى نفسه صورة السقوط تخيلا (٥) قويا جدا فتجيب إلى ذلك طبيعته وقوة أعضائه ولا تجيب إلى ضده من الثبات والاستمرار.
فالصور إذا استحكم وجودها فى النفس واعتقاد (٦) أنها يجب أن توجد فقد يعرض كثيرا أن تنفعل عنها المادة التي من شأنها أن تنفعل عنها وتكون ، فإن كان ذلك فى النفس الكلية التي للسماء والعالم جاز أن يكون مؤثرا فى طبيعة الكل ، وإن كان فى نفس جزئية جاز أن يؤثر فى الطبيعة الجزئية.
وكثيرا ما تؤثر النفس فى بدن آخر كما تؤثر فى بدن نفسها (٧) تأثير (٨) العين العائنة (٩) والوهم العامل ، بل النفس إذا كانت قوية شريفة شبيهة بالمبادئ أطاعها العنصر الذي فى العالم وانفعل عنها ووجد فى العنصر ما يتصور فيها. وذلك لأن النفس الإنسانية سنبين أنها غير منطبعة فى المادة التي لها ، لكنها منصرفة الهمة إليها. فإن كان هذا الضرب من التعلق يجعل لها أن تحيل العنصر البدنى عن مقتضى طبيعته ، فلا بدع أن تكون النفس الشريفة القوية جدا تجاوز بتأثيرها ما يختص بها من الأبدان إذا لم يكن انغماسها فى الميل إلى ذلك البدن شديدا قويا وكانت (١٠) مع ذلك عالية (١١) فى طبقتها (١٢) قوية (١٣) فى ملكتها (١٤) جدا ، فتكون هذه النفس تبرئ المرضى ، وتمرض الأشرار ، ويتبعها أن تهدم طبائع ، وأن تؤكد طبائع ، وأن تستحيل لها العناصر فيصير غير النار نارا وغير الأرض أرضا ، وتحدث بارادتها (١٥) أيضا (١٦) أمطار وخصب كما يحدث خسف ووباء كل بحسب الواجب العقلى. وبالجملة فإنه يجوز أن يتبع إرادته وجود ما يتعلق باستحالة العنصر
__________________
(١) أن يكون : أو يكون م.
(٢) ما يمكن : يمكن ك
(٣) مطروح : ملق ف ، م ، يلقى ك.
(٤) كالجسر : لجسر م. (٥) تخيلا : ساقطة من م.
(٦) واعتقاد أنها : واعتقاداتها ك ، م.
(٧) نفسها : نفسه د ، ك
(٨) تأثير : تأثر د
(٩) العائنة : الغائبة م.
(١٠) وكانت : وكان د ، ك م
(١١) عالية : عاليا د ، م غالبا
(١٢) طبقتها : طبقته د ، م ؛ طبيعته ك
(١٣) قوية : قويا ك
(١٤) ملكتها : ملكته د ، ك ، م.
(١٥) بإرادتها : بإرادته د ، م
(١٦) أيضا : ساقطة من ف.