الفصل الأول (١)
فى خواص الأفعال والانفعالات التي للإنسان
وبيان قوى النظر والعمل للنفس الإنسانية
قد فرغنا من القول فى القوى الحيوانية أيضا ، فحرى بنا أن نتكلم الآن فى القوى الإنسانية. فنقول : إن الإنسان له خواص أفعال تصدر عن نفسه ليست موجودة لسائر الحيوان. وأول ذلك أنه لما كان الإنسان فى وجوده المقصود فيه يجب أن يكون غير مستغن فى بقائه عن المشاركة ولم يكن كسائر الحيوانات التي (٢) يقتصر كل واحد منها فى نظام معيشته على نفسه وعلى الموجودات فى الطبيعة له. وأما الإنسان الواحد فلو لم يكن فى الوجود إلا هو وحده وإلا الأمور الموجودة فى الطبيعة له (٣) لهلك أو لساءت (٤) معيشته أشد سوء ، وذلك لفضيلته ونقيصة سائر الحيوان على ما ستعلمه فى مواضع أخرى ، بل الإنسان محتاج إلى أمور أزيد مما فى الطبيعة ـ مثل الغذاء المعمول واللباس المعمول والموجود فى الطبيعة من الأغذية ـ ما لم تدبر بالصناعات فإنها لا تلائمه ولا تحسن (٥) معها معيشته. (٦) والموجود فى الطبيعة من الأشياء التي يمكن أن تلبس أيضا ، فقد تحتاج أن تجعل بهيئة وصفة حتى يمكنها أن يلبسها. وأما الحيوانات الأخرى فإن لباس كل واحد معه فى الطباع ، فلذلك يحتاج الإنسان أول شىء إلى الفلاحة وكذلك إلى صناعات أخرى ، لا يتمكن الإنسان الواحد من تحصيل كل ما يحتاج إليه من ذلك بنفسه ، بل بالمشاركة حتى يكون هذا يخبز لذاك ، وذاك (٧) ينسج لهذا ، وهذا ينقل شيئا من بلاد غريبة إلى ذلك ، وهذا يعطيه بإزاء ذلك شيئا من قريب.
__________________
(١) الفصل الأول : فصل ١ ف.
(٢) الحيوانات التي : الحيوان الذي د ، ك ، م.
(٣) له : ساقطة من د ، ف.
(٤) لساءت : لساق د.
(٥) تحسن : تحس م
(٦) معيشته : معيشة ك ، م.
(٧) هذا يخبز لذاك وذاك : هذا يخبز لذلك وذلك د ؛ من يخبز لهذا وذاك ك ؛ هذا يحرث لهذا وهذا م.