هذا الضرب من العقل بالفعل ، وهو القوة (١) تحصل (٢) للنفس أن تعقل بها (٣) ما تشاء ، (٤) فإذا شاءت اتصلت وفاضت (٥) فيها الصورة المعقولة ، وتلك الصورة هى العقل المستفاد بالحقيقة ، وهذه القوة هى العقل بالفعل فينا من حيث لنا (٦) أن نعقل.
وأما العقل المستفاد فهو العقل بالفعل (٧) من حيث هو كمال. وأما التصور للأمور المتخيلة فهو رجوع من النفس إلى الخزائن (٨) للمحسوسات. والأول نظر إلى فوق ، وهذا نظر إلى أسفل. فإن خلص عن البدن وعوارض البدن فحينئذ يجوز أن يتصل بالعقل الفعال تمام الاتصال وبلقى هناك الجمال العقلى واللذة السرمدية كما نتكلم عليه فى بابه.
واعلم أن التعلم سواء حصل من غير المتعلم أو حصل من نفس المتعلم فإنه متفاوت فيه ، فإن من المتعلمين من يكون أقرب إلى التصور ، لأن استعداده الذي قبل الاستعداد الذي ذكرناه أقوى ، فإن كان ذلك للإنسان فيما بينه وبين نفسه سمى (٩) هذا الاستعداد القوى حدسا. وهذا الاستعداد قد يشتد فى بعض الناس ، حتى لا يحتاج فى أن يتصل بالعقل الفعال إلى كثير شىء وإلى تخريج وتعليم ، بل يكون شديد الاستعداد لذلك (١٠) كأن الاستعداد الثاني حاصل له ، بل كأنه يعرف كل شىء من نفسه. وهذه الدرجة أعلى درجات هذ الاستعداد ، ويجب أن تسمى هذه الحالة من العقل الهيولانى عقلا قدسيا ، وهى (١١) من جنس العقل بالملكة ، إلا أنه رفيع جدا ليس مما يشترك فيه الناس كلهم. ولا يبعد أن يفيض بعض هذه الأفعال المنسوبة إلى الروح القدسية لقوتها واستعلائها فيضانا (١٢) على المتخيلة ، فتحاكيها المتخيلة أيضا بأمثلة محسوسة ومسموعة من الكلام على النحو الذي سلفت (١٣) الإشارة إليه. ومما يحقق هذا أن من المعلوم الظاهر أن الأمور المعقولة التي يتوصل إلى اكتسابها إنما تكتسب بحصول الحد الأوسط فى القياس. وهذا الحد الأوسط قد يحصل من (١٤) ضربين من الحصول ، فتارة يحصل بالحدس ، والحاس هو فعل للذهن يستنبط به بذاته الحد الأوسط والذكاء قوة الحدس ؛ وتارة يحصل بالتعليم ، ومبادئ التعليم الحدس ، فإن الأشياء تنتهى لا محالة إلى حدوس
__________________
(١) القوة : + التي ك
(٢) تحصل : تحصيل د
(٣) بها : + النفس ك
(٤) ما تشاء : ما شاءت ك ؛ ما شاء م.
(٥) وفاضت : وفاض ك.
(٦) لنا : لها ك ، م. (٧) بالفعل : ساقطة من د.
(٨) الخزائن : الجزءين م.
(٩) سمى : ساقطة من د.
(١٠) لذلك : وكذلك ك.
(١١) وهى : + شىء ف.
(١٢) فيضانا : فيضا مسا ك.
(١٣) سلفت : سلف م.
(١٤) من (الأولى) : ساقطة من ف.