الفصل السابع (١)
فى عد المذاهب الموروثة عن القدماء
فى أمر النفس وأفعالها
وأنها واحدة أو كثيرة وتصحيح القول الحق فيها
إن المذاهب المشهورة (٢) فى ذات النفس وفى أفعالها مختلفة. فمنها قول من زعم أن النفس ذات واحدة ، وأنها تفعل جميع الأفعال بنفسها باختلاف الآلات. ومن هؤلاء من زعم أن النفس عالمة بذاتها ، تعلم كل شىء ، وإنما تستعمل الحواس والآلات المقربة للمدركات منها (٣) بسبب أن تتنبه (٤) به لما فى ذاتها. ومنهم من قال : إن ذلك على سبيل التذكر لها ، فكأنها عرض لها عنده أن نسيت.
ومن الفرقة الأولى من قال : إن النفس ليست واحدة ، بل عدة ، وأن النفس التي فى بدن واحد هى مجموع نفوس : نفس حساسة دراكة ، ونفس غضبية ، ونفس شهوانية. فمن (٥) هؤلاء من جعل النفس الشهوانية هى النفس الغذائية. وجعل موضعها القلب ، وجعل له شهوة الغذاء والتوليد جميعا. ومنهم من جعل التوليد لقوة من هذا الجزء من أجزاء النفس فائضة إلى الانثيين فى الذكر والأنثى. ومنهم من جعل النفس ذاتا واحدة ، وتفيض عنها هذه القوى ، وتختص كل قوة بفعل ، وأنها إنما تفعل ما تفعله (٦) من الأمور المذكورة بتوسط هذه القوى.
فمن قال : إن النفس واحدة فعالة بذاتها احتج (٧) بما (٨) سيحتج (٩) به أصحاب المذهب
__________________
(١) الفصل السابع : فصل ٧ ف ؛ فصل م.
(٢) المشهورة : ساقطة من د ، ف ، م.
(٣) منها : منه د ، ك ، م
(٤) تتنبه : تنبه ك.
(٥) فمن : ومن ك.
(٦) ما تفعله : ما تفعل ف.
(٧) احتج : واحتج ك
(٨) بما : بها د
(٩) سيحتج : يحتج ك.