ونقول : ليس يمتنع أن تكون هذه القوى متغايرة بالنوع أيضا ، وتنسب إلى ذات واحدة هى فيها. (١) فأما كيفية تصور هذا فهو أن الأجسام العنصرية تمنعها صرفية التضاد عن قبول الحياة ، فكلما أمعنت فى هدم طرف من التضاد ورده إلى التوسط الذي لا ضد له جعلت تضرب إلى شبه (٢) بالأجسام السماوية ، فتستحق بذلك قبول قوة محيية من الجوهر المفارق المدبر ، ثم إذا ازدادت قربا من التوسط ازدادت قبول حياة حتى تبلغ الغاية التي لا يمكن أن يكون أقرب منها إلى التوسط ، ولا أهدم منها للطرفين المتضادين ، فتقبل جوهرا مقارب الشبه من وجه ما للجوهر المفارق كما للجواهر السماوية ، فيكون حينئذ ما كان يحدث فى غيره من المفارق يحدث فيه من نفس هذا الجوهر المقبول المتصل به الجوهر. (٣) ومثال هذا فى الطبيعيات : لنتوهم مكان الجوهر المفارق نارا أو شمسا ، ومكان البدن جرما يتأثر عن النار وليكن كرة (٤) ما ، وليكن (٥) مكان النفس النباتية تسخينها إياها ، ومكان النفس الحيوانية إنارتها فيها ، ومكان النفس الإنسانية إشعالها (٦) فيها نارا. فنقول : إن ذلك الجرم المتأثر كالكرة ، إن كان ليس وضعه من ذلك المؤثر فيه وضعا يقبل الاشتعال منه نارا ولا إضاءته وإنارته ، (٧) ولكن وضعا يقبل تسخينه لم يقبل غير ذلك. فإن كان وضعه وضعا يقبل تسخينه ، ومع ذلك هو مكشوف له أو مستشف أو على نسبة (٨) إليه يستنير بها عنه استنارة قوية ، فإنه يسخن (٩) عنه ويستضيء معا ، ويكون الضوء الواقع فيه منه هو مبدأ أيضا مع ذلك المفارق لتسخينه. فإن الشمس إنما تسخن بالشعاع ، ثم إن كان الاستعداد أشد وهناك ما من شأنه أن يشتعل عن (١٠) المؤثر الذي من شأنه أن يحرق بقوته أو شعاعه اشتعل فحدثت الشعلة جرما شبيها بالمفارق من وجه ، وتكون تلك الشعلة أيضا مع المفارق علة للتنوير والتسخين معا حتى لو بقيت وحدها لاستتم أمر التنوير والتسخين. ومع هذا فقد
__________________
(١) فيها : فيه د ، ك ، م.
(٢) شبه : تشبه ك.
(٣) الجوهر (الثانية) : ساقطة من د.
(٤) كرة : قوة م
(٥) وليكن (الثانية) : ولكن م.
(٦) إشعالها : اشتعالها ك.
(٧) ولا إضاءته وإنارته : ولا إضاءة ولا إنارة ك.
(٨) نسبة : نسبته ك
(٩) يسخن : يتسخن ك.
(١٠) عن : من ف.