الفصل الثامن (١)
فى بيان الآلات التي للنفس (٢)
وبالحرى (٣) أن نتكلم الآن فى الآلات التي للنفس ، (٤) فنقول : إنه قد أفرط الناس فى أمر الأعضاء التي تتعلق بها القوى (٥) الرئيسة من النفس إفراطا فى جنبتى اللجاج ، وركنوا إلى تعسف كثير وتعصب شديد مال إليه كل واحد من الفريقين حتى خرج من الحق. وأكثرهم غلطا (٦) من جعل النفس ذاتا واحدة وقضى مع ذلك أن الأعضاء الرئيسة كثيرة ، فإنه لما خالف فيه الفلاسفة القائلة بتكثر أجزاء النفس ، ووافق من قال بوحدانيتها ، لم يعلم أنه يلزمه أن يجعل العضو الرئيس واحدا ، وهو الذي يكون به أول تعلق النفس. وأما المكثرون (٧) لأجزاء النفس فما عليهم أن يجعلوا لكل جزء منه معدنا مخصوصا ومركزا مفردا.
فنقول أولا : إن القوى النفسانية البدنية مطيتها (٨) الأولى جسم لطيف نافذ فى المنافذ روحانى ، وإن (٩) ذلك الجسم هو الروح ، وإنه لو لا أن قوى النفس المتعلقة بالجسم تنفذ محمولة فى جسم لما كان سد المسالك حابسا لنفوذ القوى المحركة والحساسة والمتخيلة أيضا ، وهو حابس ظاهر الحبس عند من جرب التجارب الطبية ، وهذا الجسم نسبته إلى لطافة الأخلاط وبخاريتها نسبة الأعضاء إلى كثافة الأخلاط ، وله مزاج مخصوص ، ومزاجه يتغير أيضا بحسب الحاجة إلى اختلاف يقع فيه ليصير به حاملا (١٠) لقوى مختلفة ، فإنه (١١) ليس يصلح المزاج الذي معه (١٢) يغضب للمزاج الذي معه يشتهى أو يحس ،
__________________
(١) الفصل الثامن : فصل ٨ ف ؛ فصل م.
(٢) فى ... للنفس : ساقطة من م.
(٣) وبالحرى : فبالحرى ك
(٤) فى ... للنفس : ساقطة من م.
(٥) القوى : القوة م.
(٦) غلطا : + مع ك.
(٧) وأما المكثرون : لو أن المكثر د.
(٨) مطيتها : مظنتها م.
(٩) وإن : فإن د.
(١٠) ليصير به حاملا : يصير به ملاء م.
(١١) فإنه : وإنه م
(١٢) معه (الأولى) : منه ك ، م.