ينبعث من القلب مثلا ولا تكون القوة فى القلب كاملة تامة ثم إنها تفيد القلب إذا استكملت فى عضو آخر. وهكذا حال الحس المشترك ، فإن مبدأ القوة الحساسة الجزئية منه ، (١) ثم إنها تعود إليه بالفائدة.
على أن حس القلب نفسه ـ وخصوصا اللمس ـ أعظم من حس الدماغ نفسه ، ولذلك أوجاعه لا تحتمل ، وعلى أنه ليس بممتنع فى القوى أن تصير أقوى وأشد فى غير مبادئها لمصادفة مواد تجعلها بتلك الحال. ويشبه أن تكون قوة أطراف الأوتار على الجذب أشد من قوة أوائلها التي تلى العصب. فالقلب مبدأ أول تفيض (٢) منه إلى الدماغ قوى : فبعضها (٣) تتم أفعالها فى الدماغ وأجزائه كالتخيل والتصور وغير ذلك ، وبعضها تفيض من الدماغ إلى أعضاء خارجة عنه كما تفيض إلى الحدقة وإلى العضل المحركة ، وتفيض من القلب إلى الكبد قوة التغذية. ثم تفيض من الكبد بتوسط العروق فى جميع البدن وتغذو القلب أيضا ، فتكون القوة مبدؤها من القلب ، والمادة مبدؤها من الكبد.
وأما القوى الدماغية فإن البصر يتم بالرطوبة الجليدية التي هى كالماء الصافى ، فتقبل صور المبصرات وتؤديها إلى الروح الباصر ، (٤) ويكون تمام الإبصار عند ملتقى العصبة (٥) المجوفة ، على ما علم من تشريحه وتعريف حاله. وأما الشم فبزائدتين فى مقدم الدماغ كحلمتى الثدى. وأما الذوق فبأعصاب دماغية تأتى اللسان والحنك وتؤتيهما (٦) قوة (٧) الحس والحركة. وأما السمع فبأعصاب دماغية أيضا تأتى الصماخ فتغشى السطح المحيط به. وأما اللمس فبأعصاب دماغية ونخاعية تنتشر فى البدن كله.
وأكثر عصب الحس من مقدم الدماغ. لأن مقدم الدماغ (٨) ألين ، واللين أنفع فى الحس ، ومقدم الدماغ كما يتأدى إلى خلف وإلى النخاع يصير (٩) أصلب ليتدرج إلى النخاع الذي يجب أن تعين دقته الصلابة. وأكثر عصب الحركة التي من الدماغ إنما تنبت من مؤخر الدماغ ، لأنه أصلب ، والصلابة أنفع فى الحركة وأعون عليها. والعصب التي للحركة فى أكثر الأمر
__________________
(١) منه : منها د ، ك ، م.
(٢) تفيض : وتفيض د.
(٣) فبعضها : بعضها ك ، م.
(٤) الباصر : الباصرة ك.
(٥) العصبة : العصب ك.
(٦) وتؤتيهما : وتؤيتها م
(٧) قوة : ساقطة من ف.
(٨) لأن مقدم الدماغ : ساقطة من م.
(٩) يصير : فيصير ك ، م.