يفضل عما تحتاج إليه أعضاء التوليد من الغذاء فضل يصلح لباب آخر ، فتصرفه تلك القوة بعينها إليه ، كما تفعل بفضول كثير (١) من الأعضاء ، ثم تعجز هذه القوة فى آخر الحياة عن إيراد بدل ما يتحلل مساويا لما يتحلل ، فيكون ذبول. فلم تفرض (٢) قوة نامية ولا تفرض (٣) قوة مذبلة ، واختلاف الأفعال ليس يدل على اختلاف القوى. فإن القوة الواحدة بعينها تفعل الأضداد ، بل القوة الواحدة تحرك بإرادات مختلفة حركات مختلفة ، بل القوة الواحدة قد تفعل فى مواد مختلفة أفاعيل مختلفة.
فهذه شكوك يجب أن يكون حلها مهيئا عندنا ، حتى يمكننا أن ننتقل ونثبت قوى النفس ؛ وأن نثبت أن عددها كذا ، وأن بعضها مخالف للبعض ، فإن الحق عندنا هذا.
فنقول : أما أولا ، فإن القوة من حيث هى قوة بالذات وأولا ، هى قوة على أمر ما ويستحيل أن تكون مبدأ لشىء آخر غيره ، فإنها (٤) من حيث هى قوة عليه مبدأ له ، فإن كانت مبدأ لشىء آخر فليست هى من حيث هى مبدأ فى ذاتها لذلك الأول. (٥) فالقوى من حيث هى قوى إنما تكون مبادئ (٦) لأفعال معينة بالقصد الأول. لكنه قد يجوز أن تكون القوة الواحدة (٧) مبدأ لأفعال كثيرة بالقصد الثاني ، بأن تكون تلك كالفروع ، فلا تكون مبدأ لها أولا ، مثل أن الإبصار إنما هو قوة أولا على إدراك الكيفية التي بها يكون الجسم بحيث إذا توسط بين جسم قابل للضوء وبين المضيء لم يفعل المضيء فيه الإضاءة ، وهذا هو اللون ، واللون (٨) يكون بياضا وسوادا. وأيضا القوة المتخيلة هى التي تستثبت (٩) صور الأمور المادية من حيث هى مادية مجردة عن المادة نوعا من التجريد غير بالغ ، كما نذكره بعد. ثم يعرض أن يكون ذلك لونا أو طعما أو عظما أو صوتا أو غير ذلك. والقوة العاقلة هى التي تستثبت (١٠) صور الأمور من حيث هى بريئة
__________________
(١) كثير : كثيرة د ، ك ، م.
(٢) فلم تفرض : فلم تعرض ك ؛ فلم لا تعرض م
(٣) ولا تفرض : ولا تعرض ك.
(٤) فإنها : فإنه د ، ك.
(٥) كانت : كان د ، ك.
فليست ... الأول : فليس هو من حيث هو مبدأ لذلك الأول فى ذاته د ، ك ؛ فليس هو من حيث هى مبدأ لذلك الأول فى ذاته م.
(٦) مبادئ : مبدأ ك.
(٧) الواحدة : ساقطة من د ، ك ، م.
(٨) واللون : ثم اللون د ، ف
(٩) تستثبت : تشبت ك.
(١٠) تستثبت : تشبث ك.