الفصل الثاني (١)
فى تحقيق أصناف الإدراكات التي لنا
فلنتكلم (٢) الآن فى القوى الحاسة والدراكة ، ولنتكلم فيها كلاما كليا فنقول : يشبه أن يكون كل إدراك إنما هو أخذ صورة المدرك بنحو من الأنحاء ، فإن كان الإدراك إدراكا لشىء مادى فهو أخذ صورته مجردة عن المادة تجريدا ما ، إلا أن (٣) أصناف التجريد مختلفة ومراتبها (٤) متفاوتة ، فإن الصورة المادية تعرض لها بسبب المادة أحوال وأمور ليست هى لها بذاتها من جهة ما هى تلك الصورة فتارة يكون النزع (٥) عن المادة نزعا (٦) مع تلك العلائق كلها أو بعضها ، وتارة يكون النزع نزعا كاملا. وذلك بأن يجرد المعنى عن المادة وعن اللواحق التي له (٧) من جهة المادة. مثاله إن الصورة الإنسانية والماهية الإنسانية طبيعة لا محالة تشترك فيها أشخاص النوع كلها بالسوية ، وهى بحدها شىء واحد وقد عرض لها أن وجدت فى هذا الشخص وذلك الشخص فتكثرت. وليس لها ذلك من جهة طبيعتها الإنسانية. ولو كان (٨) للطبيعة (٩) الإنسانية ما يجب فيها التكثر لما كان يوجد إنسان محمولا (١٠) على واحد بالعدد ولو كانت الإنسانية موجودة لزيد لأجل أنها إنسانيته ، (١١) لما كانت لعمرو. فإذن أحد (١٢) العوارض التي تعرض للإنسانية من جهة المادة هو (١٣) هذا النوع من التكثر والانقسام. ويعرض لها أيضا غير هذا (١٤) من العوارض ، وهو أنها
__________________
(١) الفصل الثاني : فصل ٢ ف.
(٢) ولنتكلم : ساقطة من ك.
(٣) إلا أن : لأن ك ، م
(٤) ومراتبها : ومراتبه م.
(٥) النزع : النوع د
(٦) نزعا : نوعا د.
(٧) له : لها د ، ك ، م.
(٨) ولو كان : وكان د ؛ ولو كانت ك ، م
(٩) للطبيعة : لطبيعة د.
(١٠) محمولا : محمول م :
(١١) إنسانيته : إنسانية د ، ك ، م.
(١٢) أحد : إحدى د ، ك
(١٣) هو : هى د ، ك ، م.
(١٤) هذا : هذه د ، ك.