الفصل الثالث (١)
فى الحاسة اللمسية
وأول (٢) الحواس الذي يصير به الحيوان حيوانا هو اللمس ، فإنه كما أن كل ذى نفس أرضية فإن له قوة غاذية ، ويجوز أن يفقد قوة قوة من الأخرى ولا ينعكس ، كذلك حال كل ذى نفس حيوانية فله حس اللمس ، ويجوز أن يفقد قوة قوة من الأخرى ولا ينعكس. وحال الغاذية عند سائر قوى النفس الأرضية ، فيه (٣) حال اللمس عند سائر قوى الحيوان. وذلك لأن الحيوان تركيبه الأول هو من الكيفيات الملموسة ، فإن مزاجه منها وفساده باختلالها (٤) والحس طليعة للنفس ، فيجب أن تكون الطليعة (٥) الأولى ، وهو ما يدل على ما يقع به الفساد ويحفظ به الصلاح وأن تكون قبل الطلائع التي تدل على أمور تتعلق ببعضها منفعة خارجة عن القوام أو مضرة خارجة عن الفساد والذوق ، وإن كان دالا على الشىء الذي به تستبقى الحياة من المطعومات ، فقد يجوز أن يعدم الذوق ويبقى الحيوان حيوانا ، فإن الحواس الأخرى (٦) ربما أعانت (٧) على ارتياد الغذاء الموافق واجتناب الضار. (٨) وأما الحواس الأخرى فلا تعين على معرفة أن الهواء المحيط بالبدن مثلا محرق أو مجمد. وبالجملة فإن الجوع شهوة اليابس الحار والعطش شهوة البارد الرطب. والغذاء بالحقيقة ما يتكيف بهذه الكيفيات التي يدركها اللمس. وأما الطعوم فتطييبات ، فلذلك كثيرا ما يبطل حس الذوق لآفة (٩) تعرض ويكون الحيوان باقيا ، فاللمس هو أول الحواس ولا بد منه لكل حيوان أرضى. وأما الحركة فلقائل أن يقول : إنها أخت اللمس للحيوان ، وكما أن من الحس نوعا متقدما كذلك قد يشبه أن يكون من قوى الحركة نوع متقدم. وأما المشهور فهو أن من الحيوان ماله حس اللمس وليس له قوة الحركة ، مثل ضروب من الأصداف.
__________________
(١) الفصل الثالث : فصل ٣ ف.
(٢) وأول : فأول ك.
(٣) فيه : ساقطة من ف.
(٤) باختلالها : باختلافها ف ، م
(٥) الطليعة : الطبيعة م.
(٦) الحواس الأخرى : الإحساس الأخرى د ؛ الإحساس الآخر ك ، م
(٧) أعانت : أعان ك ، م.
(٨) الضار : المضار د ، ك.
(٩) لآفة : لأنه م.