لكنا نقول : إن الحركة الإرادية على ضربين : حركة انتقال من مكان إلى مكان ، وحركة انقباض وانبساط للأعضاء من الحيوان وإن لم يكن به (١) انتقال الجملة عن (٢) موضعها (٣). فيبعد أن يكون حيوان له حس اللمس ولا قوة حركة فيه البتة ، فإنه كيف يعلم أنه له حس اللمس (٤) إلا بأن يشاهد فيه نوع هرب من ملموس وطلب لملموس. (٥) وأما ما يتمثلون هم به من الأصداف والإسفنجات وغيرها ، فإنا نجد للأصداف فى غلفها (٦) حركات انقباض وانبساط والتواء وامتداد فى أجوافها ؛ وإن كانت لا تفارق أمكنتها ، ولذلك نعرف أنها تحس بالملموس. فيشبه أن يكون كل ماله لمس فله فى ذاته حركة ما إرادية إما لكليته وإما لأجزائه. وأما الأمور (٧) التي تلمس ، فإن المشهور من أمرها أنها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخشونة والملاسة والثقل والخفة. وأما الصلابة واللين واللزوجة والهشاشة وغير ذلك فإنها تحس تبعا لهذه المذكورة. (٨) فالحرارة والبرودة كل منهما يحس بذاته ، لا لما يعرض فى الآلة من الانفعال بها. وأما الصلابة واللين واليبوسة والرطوبة فيظن أنها لا تحس لذاتها ، (٩) بل يعرض للرطوبة (١٠) أن تطيع لنفوذ ما ينفذ فى جسمها ، (١١) ويعرض لليبوسة أن تعصى فتجمع العضو الحاس وتعصره ، والخشونة أيضا (١٢) يعرض لها مثل ذلك بأن تحدث للأجزاء الناتئة (١٣) منها (١٤) عصرا ولا تحدث للغائرة (١٥) فيها (١٦) شيئا ، والأملس يحدث ملاسة واستواء ، وأما الثقل فيحدث تمددا إلى أسفل ، والخفة خلاف ذلك.
فنقول لمن يقول هذا القول : إنه (١٧) ليس من شرط المحسوس بالذات أن يكون الإحساس به من غير انفعال يكون منه ، فإن الحار أيضا ما لم يسخن لم يحس. وبالحقيقة ليس إنما يحس ما فى المحسوس ، بل (١٨) ما يحدث منه فى الحاق ، حتى إنه إن لم
__________________
(١) به : له ك
(٢) عن : من ك.
(٣) موضعها : موضعه د ، ف ، ك.
(٤) ولا قوة ... اللمس : ساقطة من م.
(٥) لملموس : ملموس د.
(٦) غلفها : عقلها م.
(٧) وأما الامور : والأمور ف.
(٨) المذكورة : المذكورات ك.
(٩) لذاتها : بذاتها ك
(١٠) للرطوبة : من الرطوبة د ، م.
(١١) جسمها : جسمه د ، ك ، م.
(١٢) أيضا : ساقطة من د
(١٣) الناتئة : النباتية د ، ك
(١٤) منها : منه د.
(١٥) الغائرة : الغائرة ف ، م
(١٦) فيها : ساقطة من م.
(١٧) إنه : ساقطة من م.
(١٨) بل : ساقطة من م.