مماسا له لينتقل إليه ، وكل (١) مقلوع عن شىء فقد يفرغ مكانه حتى يصار إليه. وهذا الشىء الذي فيه هذه الحركات شىء رطب سيال لا محالة إما ماء وإما هواء ، فتكون مع كل قرع وقلع حركة للهواء أو ما يجرى مجراه إما قليلا قليلا وبرفق ، وإما دفعة على سبيل تموج أو انجذاب بقوة. وقد وجب (٢) هاهنا شىء لا بد أن يكون موجودا عند حدوث الصوت وهو حركة قوية من الهواء أو ما يجرى مجراه ، فيجب أن يتعرف هل الصوت هو نفس القرع أو القلع ، أو حركة موجية تعرض للهواء من ذلك ، أو شىء (٣) ثالث يتولد من ذلك أو يقارنه. (٤) أما القلع والقرع فإنهما يحسان بالبصر بتوسط اللون ولا شىء من الأصوات يحس بتوسط اللون ، فليس القلع والقرع بصوت ، بل إن كان ولا بد فسببا الصوت. وأما الحركة فقد يتشكك (٥) فى (٦) أمرها ، فيظن أن الصوت نفس تموج الهواء. وليس كذلك أيضا ، فإن جنس الحركة يحس أيضا بسائر الحواس ، وإن كان بتوسط محسوسات أخر. (٧) والتموج الفاعل للصوت قد يحس حتى يؤلم ، فإن صوت الرعد (٨) يعرض منه أن تدك الجبال ، وربما ضرب حيوانا فأفسده. وكثيرا ما يستظهر على هدم الحصون العالية بأصوات البوقات ؛ بل حس اللمس ، كما أشرنا إليه قبل أيضا قد ينفعل من تلك الحركة من حيث هى حركة ولا يحس الصوت ، ولا أيضا من فهم أن شيئا حركة فهم أنه صوت. ولو كانت حقيقة الصوت حقيقة (٩) الحركة ، لا أنه أمر يتبعها ويلزم عنها ، (١٠) لكان من عرف أن صوتا عرف أن حركة ، وهذا ليس بموجود. فإن الشىء الواحد النوعى لا يعرف ويجهل معا إلا من جهتين وحالين ، (١١) جهة كونه صوتا فى ماهيته ونوعيته ، ليس جهة كونه حركة فى ماهيته ونوعيته. (١٢) فالصوت إذن عارض يعرض من هذه الحركة الموصوفة يتبعها ، ويكون معها ، فإذا انتهى التموج من الهواء أو الماء (١٣) إلى الصماخ ـ وهناك تجويف فيه هواء راكد يتموج بتموج ما ينتهى إليه ووراءه كالجدار مفروش عليه العصب الحاس للصوت ـ أحس بالصوت.
__________________
(١) وكل : فكل م.
(٢) وجب : + أن ف.
(٣) أو شىء : أم شىء م
(٤) يقارنه : يقاربه م.
(٥) يتشكك : يشكك د ، ف ، م
(٦) فى : من د ، ف.
(٧) أخر : أخرى ف.
(٨) الرعد : + قد ف.
(٩) حقيقة : ساقطة من م.
(١٠) عنها : منها د.
(١١) وحالين : وحالتين ف.
(١٢) ماهيته ونوعيته : ماهية ونوعية ك.
(١٣) أو الماء : والماء د ، ك ، م.