شديدا. وإنما يظهر فيه اللون الذي فى استعداده ما لو حضر مضىء لا خضرة ولا حمرة فى فعله ، ثم يعود بعد ذلك إذا صار أقوى (١) ظهورا آخذا (٢) فى إبطال لونه وإخفائه وإلباسه لونا آخر ليس فى جبلته ولا (٣) طبيعته. فيكون إذن أحد الفعلين عن شىء غير الآخر ، فيكون مصدر أحد الفعلين عن الضوء الذي لو كان الجسم لا لون له وله ضوء لكان يفعل ذلك مثل بلورة مضيئة ، والفعل الآخر يكون من لونه إذا اشتد ظهوره بسبب هذا الضوء حتى صار متعديا. فإنا وإن كنا نقول : إن الضوء ليس هو ظهور اللون. فلا نمنع أن يكون الضوء سببا لظهور اللون وسببا لنقله. ونقول : إن الضوء جزء من جملة هذا المرئى الذي نسميه لونا وهو شىء إذا خالط اللون بالقوة حدث منهما الشىء الذي هو اللون بالفعل بالامتزاج. (٤) فإن لم يكن ذلك الاستعداد كانت إنارة وبريقا مجردا ، فالضوء (٥) كجزء من الشىء الذي هو اللون ومزاج فيه ، (٦) كما أن البياض والسواد لهما اختلاط ما تحدث عنه تلك الألوان المتوسطة.
وأما قول القائل : إن الضوء واللمعان أيضا (٧) ليس إلا ظهور اللون ، ثم قوله فى الأشياء اللامعة فى الليل ما قاله ، فيبطل بأن السراج والقمر كثيرا ما يبطلان لمعان تلك ويظهران ألوانها. فيجب أن يكون نور السراج أشد ظهور لون ، فيجب أن يكون أيضا ما يصير بالسراج ظاهر اللون لا يرى له فى الظلمة لون. (٨) وليس الأمر (٩) كذلك ، فإن اللامعات يرى لونها (١٠) أيضا بالليل كما يرى بريقها. فليس ما قالوه بحق. وأما القائل بأن (١١) للشمس والكواكب ألوانا وأن الضوء يخفى لونها ، فيشبه أن يكون الحق أن بعض الأشياء يكون له فى
__________________
(١) أقوى : أخرى م
(٢) آخذا : يأخذ د.
(٣) ولا : + فى ك.
(٤) بالامتزاج : بالإمزاج م.
(٥) فالضوء : والضوء د.
(٦) فيه : منه م.
(٧) أيضا : ساقطة من م.
(٨) لون : لونه د ، ك
(٩) وليس الأمر : والأمر ليس ف.
(١٠) لونها : ساقطة من م.
(١١) بأن : إن د ، ف.