الفصل الرابع (١)
فى تأمل مذاهب قيلت فى الألوان وحدوثها
ومما يجب أن نفرغ عنه (٢) تأمل مذهب آخر فى أمر الألوان والضوء ، فإنا (٣) ما لم نفرغ عنه لم يكن سبيل (٤) إلى أن ندل على صحة ما ذهبنا إليه بطريق القسمة.
فنقول : إن من المذاهب فى أمر الألوان مذهب من يرى أن اللون (٥) الأبيض إنما هو (٦) تكونه من الهواء والضوء ، وأن الأسود تكونه من ضد ذلك ، وأن حدوث اللون الأبيض هو من الشفاف إذا انقسم إلى أجزاء صغار ثم ارتكم فإنه يعرض هناك أن تقبل سطوحها النور فتضيء ، (٧) ولأنها شفافة يؤدى بعضها إضاءة بعض ، (٨) ولأنها صغار يكون ذلك فيها كالمتصل ، ولأن المشف لا يرى إلا بلون غيره ، فإن شفيفها لا يرى ، لكن العكوس عن السطوح المتراكمة منها ترى متصلة فيرى الجميع أبيض.
قالوا : ولهذا ما كان زبد الماء أبيض بمخالطة الهواء ، والثلج أيضا أبيض لأنه أجزاء صغار جامدة شفافة خالطها الهواء ونفذ فيها الضوء ، والبلور المسحوق والزجاج المسحوق لا يشف ، وأى هذه اتصلت سطوحها اتصالا لا يبطل (٩) به انفراد كل شخص منها بنفسه عادت شفافة ، والشفاف الكبير الحجم إذا عرض فيه شق رمى (١٠) ذلك الموضع منه إلى البياض. قالوا : فأما السواد فيتخيل لعدم غور الجسم وعمقه الضوء والإشفاف معا.
ومنهم من جعل الماء سببا للسواد. قال : ولذلك إذا بلت (١١) هذه (١٢) الأشياء مالت إلى السواد. قال : (١٣) وذلك لأن الماء يخرج الهواء ولا يشف إشفافه ولا ينفذ فيه
__________________
(١) الفصل الرابع : فصل ٤ ف.
(٢) عنه (الأولى) : منه م
(٣) فإنا : ساقطة من د ، ك ، م.
(٤) سبيل : + لنا ف.
(٥) اللون : الكون م.
(٦) إنما هو : أما م.
(٧) فتضيء : وتضىء د
(٨) بعض : ساقطة من د.
(٩) لا يبطل : يبطلى ف.
(١٠) رمى : رؤى د ، ك ، م.
(١١) بلت : ابتلت ف
(١٢) هذه : ساقطة من د ، ف.
(١٣) قال : قالوا د ، ف ، م.