الضوء إلى السطوح فتبقى مظلمة. ومنهم من جعل السواد لونا بالحقيقة وأصل (١) الألوان. قال : ولذلك لا ينسلخ ، وأما البياض فعارض للمشف بتراكمه ولذلك يمكن أن يصبغ. ولا يبعد أن يكون المذهب الأول فى السواد يؤدى إلى هذا المذهب أيضا ، إذ (٢) جعل السواد حقيقة ما لا يشف من جهة ما لا يشف وهو حقيقة اللون المنعكس عنه.
وقال قوم : إن الأسطقسات (٣) كلها مشفة ، وإنها إذا تركبت حدث منها البياض على الصفة المذكورة ، وبأن يكون ما يلى البصر سطوحا مسطحة من المشف فينفذ فيها البصر ، وأن السواد يعرض إذا كان ما يلى البصر من الجسم زوايا تمنع الإشفاف للأطراف التي تقع فيها (٤) فهى وإن أضاءت فبما لا ينفذ فيها الضوء نفوذا جيدا فتظلم. (٥)
والذي يصعب من هذه الجملة فصل القول فيه تولد البياض من الضوء ، وكون (٦) السواد لونا حقيقيا. فإنا نعرف أن المشفات تبيض عند السحق والخلط بالهواء ، وكذلك اللخالخ ، والناطف يبيض لاجتماع احتقان (٧) الهواء فيه مع الإشفاف الذي فى طبعه ، ونعلم أن السواد لا يقبل لونا البتة كما (٨) يقبل (٩) البياض ، فكأن البياض لإشفافه موضوع معر (١٠) ى مستعد ، والمعرى عن الكيفيات قابل لها من غير حاجة إلى إزالة شىء ، والمشغول بواحدة لا يقبل غيرها إلا بزوالها. فهؤلاء قوم يجعلون مخرج الألوان من الإشفاف وغير الإشفاف. وبإزاء هؤلاء قوم آخرون لا يقولون بالإشفاف البتة ، ويرون أن الأجسام كلها ملونة ، وأنه لا يجوز أن يوجد جسم إلا وله لون. ولكن (١١) الثقب والمنافذ الخالية إذا كثرت فى الأجسام نفذ فيها الشعاع الخارج من المضيء إلى الجهة الأخرى ، ونفذ أيضا شعاع البصر فيرى (١٢) ما وراءها. (١٣)
__________________
(١) وأصل : وهو أصل ك ؛ ومن أصل م.
(٢) إذ : إذا ، د ، ك.
(٣) الأسطقسات : الأستقصات ف ، م.
(٤) فيما : فيها د ، ك ، م.
(٥) فتظلم : تظلم د ، ف ، ك.
(٦) وكون : ولون م.
(٧) احتقان : احقان ف.
(٨) كما : + أن د ، ف ، م
(٩) يقبل البياض : البياض يقبل د ، ف ، م.
(١٠) معرى : ومعرى ك.
(١١) ولكن : وليكن م.
(١٢) فيرى : فرؤى د ، ك ، م
(١٣) ما وراءها : ما وراه د ، م.