وأداء ذلك إلى التكلّم بما ليس بحق.
ومنه حديث سالم رحمه الله : كنا نقولُ في الحامل المتوفَّى عنها زوجُها : إنه ينفق عليها من جميع المال حتى تَبَّنْتُمْ ما تَبَّنْتُم ، ودقّقتم النظر حتى قلْتُم غيرَ ذلك.
[تبع] (*) : إنَّ مريم ابنة عمران سألت ربَّها أَنْ يُطْعمها مما لا دَمَ فيه ، فأَطْعَمها الجرادَ. فقالت : اللهم أَعِشْه بغير رَضَاع ، وتابعْ بينه بغير شِياع.
أي اجعله يَتْبع بعضه بعضاً من غير أن يشايعَ به مشايعة الرَّاعي بالنعم ، وهي دعاؤه بها فتجتمع ، قال جرير :
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْبَاء (١) فَوْق قَعُودها |
|
وشَايِعْ بهَا واضْمُمْ إليكَ التَّوَالِيَا (٢) |
[التبعة] : قال له قيسُ بن عاصم المنقري : يا رسولَ اللهِ ، ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعَةٌ من طالب ولا من ضَيْفٍ؟ فقال : نِعْمَ المال الأربعون ، والكُثْر الستون ، ووَيْلٌ لأصحاب المئين ، إلا من أَعْطَى الكريمة ، ومَنَح الغزيرة ، وذبح السمينة ؛ فأَكَلَ وأَطْعَمَ (الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).
وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تَصْنَع في الطَّرُوقَة؟ قال له : يَغْدُو الناسُ بحبَالهم ، فلا يُوزَعُ رَجُلٌ عن جَمَلٍ يَخْطِمه. وقال له : كيف تصنع في الإِفْقَار؟ فقال : إني لأُفْقِرُ [البَكْرَ] الضَّرَع ، والنَّابَ المُدْبِرة.
وقال له : كَيف أنْت عند القِرَى؟ قال : أُلْصِق والله يا رسول الله بالناب الفانية والضَّرع.
التَّبعة : ما يتبع المال من الحقوق.
الكُثْر : الكثير.
مَنَح : من المِنْحة ، وهي الناقة أو الشاة تُعَار لِلبَنها ثم تستردّ.
القَانِع : السائل ، ومصدره القُنوع.
المعتَرُّ : الذِي يتعرضُ ولا يُفْصِح بالسُّؤَالِ.
في الطَّرُوقة ؛ أي في صاحبِ الطّروقة إذا استَطْرَقَك فحلاً.
لا يُوزَع : لا يُمْنَع ، أراد أنه يطرق الفحول كلَّ من أراد من غير مضايقة في ذلك.
الإِفْقَار : إعارةُ البعير للركوب أو الحمل ، والمعنى التمكين من فَقاره.
الضَّرَع : الصغير الضعيف.
__________________
(*) [تبع] : ومنه في حديث الزكاة : في كل ثلاثين تبيعٌ. ومنه حديث الحديبية : وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله. ومنه حديث الحوالة : إذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع. وفي حديث الأشعري : اتَّبعوا القرآن ولا يتَّبعنَّكم. ومنه الحديث : لا تسبُّوا تُبَّعاً فإنه أول من كسا الكعبة. النهاية ١ / ١٧٩ ، ١٨٠.
(١) يقال : رقبة هلباء : كثيرة الشعر.
(٢) التوالي : المستأخرات.