صعد المِنْبر فقرأَ البقرةَ وآل عمران ، ففسَّرهما حرفاً حرفاً ، وكان مِثَجًّا يسيل غَرْباً.
هو مِفْعَل من الثّجِ : وهو السيل والصبّ الغزير. شبّه فصاحته وغزارةَ منطقه بماءٍ يثج ثجًّا ، ومثله قولهم : مِثَجٌ للفرس الكثير الجَرْي ، وهذا لبناء الآلات ، فاستُعْمل فيمن يكثر منه الفعل كأنه آلة لذلك. ومنه : رجل مِحْرب ، ومِدْره ، ومِصْقع ؛ وفرس مِكَرّ مِفَرّ.
الغَرْب : ما سال بحدَّة واتِّصَالٍ بغيرِ انقِطاع. قال لَبِيد :
غَرْبُ المَصَبَّةِ محمودٌ مَصَارِعُه |
|
لَاهِي النَّهَارِ بسَيْرِ اللّيْلِ مُحْتَقِر (١) |
ومنه : قيل للدَّمع الكائن بهذه الصفة ، ولعِرْقِ العَيْن الذي لا يَرْقَأ : غَرْب.
حلب به ثَجًّا ، ولم تعبه ثُجْلَة في (بر) بِثَجِيجه في (قح). لا تَثْجُرُوا في (بس).
الثاء مع الدال
[ثدية] : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال في ذي الثُّدَيَّةِ المقتول بالنَّهْروان : إنه مُثْدُون اليد ـ وروي مُثَدَّنُ ، ومَوْدُون ، ومُودَن ، ومُوتَن ، ومُخْدِّ.
الثُّدَيَّة : تصغير الثَّنْدُوَة ، بتقدير حذْف الزائد الذي هو النون ، لأنها من تركيب الثَّدْي ، وانقلاب الياء فيها واواً لِضَمَّةِ ما قَبْلَها ، ووزنها فَنعلة ، ولم يضرّ لِظُهور الاشتقاق ارتكابُ الوَزْن الشاذّ ، كما لم يضرّ في إنْقَحْل ـ وروي : ذو اليُدَيّة.
المَثْدُون والمُثَدّن : المُخْدَج ، من قولهم : امرأة ثَدِنة ؛ أي منقوصة الخلْق.
المَوْدُون والمُودَن : من وَدَن الشيء وأَوْدَنه ، إذا نقَّصه وصغَّره. ومنه : وَدَنه بالعصا : إذا ضربه ، وودن الأديمَ : ليّنة بالبلّ ، والمَعاني مُتقاربة.
والمُوتَن : من أَيتنَتِ المرأَةُ ، إذا جاءت بوَلَدِها يَتْنا (٢). وقلبت الياء واواً لضمّ ما قبلها.
وروى ابن الأنباري : الوتن بمعنى اليَتن. وأوْتنت : أيْتنت.
الثاء مع الراء
[ثرو] (*) : النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ـ ما بعث الله نبيًّا بعد لوط إِلَّا في ثرْوَةٍ من قَوْمِه.
__________________
(١) البيت في ديوان لبيد ص ٦٥.
(٢) اليتن : أي المولود الذي تخرج رجلاه قبل رأسه ويديه.
(*) [ثرو] : ومنه الحديث : أنه قال للعباس : يملك من ولدك بعدد الثريا. ومنه حديث إسماعيل عليه السلام : وقال لأخيه إسحاق عليه السلام : إنك أثريت وأمشيت. ومنه حديث أم زرع : وأراح عليَّ نَعَماً ثرياً. وحديث صلة الرحم : هي مثراة في المال منسأة في الأثر. النهاية ١ / ٢١٠.