الذِّمام والمَذِمَّة ، بالكسر والفتح : الحقُّ والحُرْمَة التي يُذَمّ مُضَيِّعها ، يقال : رعيت ذِمام فلان ومَذَمَّته. وعن أبي زيد : المَذِمَّة بالكسر : الذِّمام ، وبالفتح الذَّمّ. والمراد بمِذمَّة الرضاع الحق اللَّازم بسبب الرضاع ، أو حق ذات الرَّضاع ، فحذف المضاف. قال النَّخَعيّ رحمه الله تعالى : كانوا يستحبّون أن يَرْضَخُوا عند فصَال الصبيّ للظئر شيئاً سوى الأجر.
عليّ عليه السلام ـ ذمّتي رهينة ، وأنا به زعيم ، لمن صَرَّحَت له العِبَر ألَّا يهيجَ على التَّقْوَى زَرْعُ قوم ، ولا يَظْمأ على التَّقْوى سِنْخُ أصْلٍ ؛ أَلَا وإنَّ أبْغَضَ خَلْقِ الله إلى الله رجلٌ قَمَشَ عِلْماً غارًّا بأَغْباش الفِتْنَة ؛ عَمِياً بما في غَيْبِ الهُدْنة ، سَمَّاه أشْباهُه مِنَ الناس عالماً ، ولم يَغْنَ في العلم يوماً سالماً ، بكَّر فاستَكْثر مما قلَّ منه فهو خَيْرٌ مما كَثُرَ ، حتى إذا ما ارْتَوَى من آجِنٍ ، واكْتَنَزَ مِنْ غير طائل ، قَعَدَ بين الناس قاضياً لتلخيص ما الْتَبَسَ على غيرِه ؛ إنْ نزلتْ به إحْدَى المُبْهَمَات هَيَّأَ حَشْواً رَثًّا رأياً من رأيه. فهو من قِطَعِ الشُّبُهَات في مثل غَزْلِ العنكبوت ، لا يعلمُ إذا أخْطأَ ؛ لأنه لا يعلم أخطأ أم أصاب ؛ خَبَّاطُ عَشَوَات ، رَكَّابُ جهالات ، لا يعتذرُ مما لا يعلمُ فيسلَم ، ولا يَعَضُّ في العلم بِضِرْسٍ قاطع فيغنم ؛ يَذْرُو الرِّوَايةَ ذَرْوَ الريح الهشيم ، تبكي منه الدِّماء ، وتَصْرُخ منه المواريث ؛ ويُسْتَحَلُّ بقضائه الفَرْجُ الحرام. لا مَلِيءٌ والله بإصدار ما وَرَدَ عليه ، ولا أهلٌ لما قُرّظ به.
الذِّمَّة : العهد والضَّمان ، ويقال : هذا في ذِمَّتي وذِمِّي ، أي في ضماني. والرَّهينة بمعنى الرَّهْن كالشَّتِيمة والعَضِيهة ، بمعنى الشَّتْم والعضه ؛ وليست بتأْنيث رهين بمعنى مَرْهُون ؛ لأنَّ «فعيلاً» هذا يستوي فيه المذكّر والمؤنث ؛ فلو أراد هذا لقال ذِمَّتي رهين ، كما يقال : كفٌّ خَضِيب ، ولحيةٌ دَهِين ، إلَّا أن المصدر الذي هو الرهن وما في معناه ، أعني الرهينة ، يُقامان مقام الشيء المرهون ، ولهذا قيل : الرُّهُن والرِّهان والرَّهائن. وقولهم : هو رهينة في أيديهم ، وقوله :
أَبَعْدَ الذي بالنَّعْفِ نَعْفِ كُوَيْكِبٍ |
|
رَهِينة رَمْسٍ ذي تُرَاب وجَنْدَلِ |
دليل على ما قلنا.
الزَّعيم : الكَفِيل ، يقال زَعَم به زَعْماً وزعامةً.
صَرَّحَت : ظهرت ، وتبينت ، أو بَيَنَّت له الحق وصحة الأمر ، يقال : صَرَّح الشيء ، وصرّح بنفسه.
ألّا يَهيج متعلق برهينة ، وأنْ هذه هي المخففة من الثقيلة ، وقبلها جار محذوف. التقدير : ذِمَّتي رهينة بأنه لَا يهيج ؛ أي لا يجفّ.
السِّنْخ من الأصل : ما توغل منه ، ومنه سِنْخ السِّن الداخل في اللّحم. وسِنْخُ السَّيْف : سِيلانُه ، والمعنى : ضَمَنْتُ لمن استبصر واعْتَبَر أنَّ من اتَّقَى الله لم يَزَلْ أمرُه ناضراً ، وعملُه نامياً زاكياً ، وأنا بذلك كفيل ؛ فالضَّمير في «به» راجع إلى المضمون الذي هو في قوله : ألّا