فهذه عيون ما يظن الرجل أنه يحتج به. ونحن نتعجب (١) منه أنه بعد شمه شطرا من كل شىء ، ودعواه جودة التصرف في المنطق والفلسفة ، كيف قنعت نفسه بهذه الحجج السخيفة في أن يعتقد شيئا من الأشياء أو يميل إليه بغالب الظن.
أما قوله الأول فيجب أن يتذكر ويعلم أن الأعضاء قد تجذب أشياء كثيرة بشوق طبيعى ثم تضيعها وتدفعها (٢) إذا زالت الحاجة عنها (٣) ، كجذب الكبد والعروق للماء الكثير عند ما تحتاج إليه. ثم بعد ذلك فإنها (٤) والعروق تدفعه وتستغنى عنه. وكجذب الأعضاء للأدوية الموافقة لتعديل مزاجها ؛ وتحليل مادة رديئة فيها ؛ ثم إنها بعينها تدفعها (٥). ومتى كان في بدن إنسان جاذب لشىء لا يعدوه ؛ ثم كان دائم العشق لمجذوبه (٦). ولم (٧) لم يقل الرجل في نفسه عسى أن يكون المنى إنما يشتمل عليه الرحم ما احتاج إلى تأثيره في دم الطمث ، وإحالته إياه إلى المزاج الواجب ، وإفادته إياه القوى الواجبة. ثم إن الرحم يستغنى عنه ، فيفسد هو بنفسه فيه (٨) ويتحلل (٩) ، أو يدفعه الرحم بعد ذلك. فإن المنى أيضا عسى (١٠) أن يكون بعد أن يفعل فعله ، يتغير مزاجه ، ويصير لا على المزاج الذي كان عليه أولا ؛ وكأن الرحم يعشقه بسببه (١١). وكيف وثق (١٢) في (١٣) الرطوبات البدنية وفي القوى العضوية أن تبقى مناسبات ما بينهما (١٤) دائمة ، فعسى أن يكون حرص الرحم على ضبطه ، هو إلى مدة الحاجة ومع بقاء الكيفية. وأما ذكر الغشاء الذي يغشى المنى وحسبانه أن الرحم يفعل ذلك بطبخه (١٥) ، فهو أيضا من البلادة المجاوزة للحد. فإنه إن كان في المنى قوة مصورة ومكونة ، فتلك القوة ملية بتكوين (١٦) ذلك الغشاء ملاتها بتكوين العصب والعظام والعروق التي ليست تنبعث من جهة الرحم إلى باطن ، بل من باطن ، وبفعل هذه القوة.
__________________
(١) نتعجب : نتعجبن ط.
(٢) تضيعها وتدفعها : تضيعه وتدفعه د ، سا ، ط ، م
(٣) عنها : عنه د ، سا ، ط ، م. (٤) فإنها : فإنه د ، سا.
(٥) بعينها تدفعها : بعينها تدفعه د ، سا ؛ بعينه تدفعها ط ؛ بعينه تدفعه م.
(٦) لمجذوبه : المجذوبه ط
(٧) ولم : ولو سا. (٨) فيه : فيها ط
(٩) ويتحلل : فيتغير ط ؛ فيتحلل طا ، م.
(١٠) عسى : عساه د ، سا.
(١١) بسببه : لسببه م (١٢) وثق : يوثق سا ، م
(١٣) فى : + أن م.
(١٤) ما بينهما : ما بينها د ، سا.
(١٥) بطبخه : بطبعها ط ؛ بطبعه م.
(١٦) بتكوين : بتكون م.