يجتمع فيها فضل كثير من الرطوبة لما يتصعد من بخارات (١) البدن ، وما ينحدر من النزلات. وإذا كان الأمر على هذا ، فالكبد أرطب من الرئة كثيرا في الرطوبة الغريزية ، والرئة أشد ابتلالا. وهكذا يجب أن يفهم من حال ترطيب البلغم والدم من جهة. وهو (٢) أن ترطيب البلغم هو على سبيل البل ، وترطيب الدم (٣) على سبيل التقرير فى الجوهر ، وإن كان البلغم قد يكون في نفسه أشد رطوبة ، فإن الدم إنما يستوفى حظه من النضج بأن يتحلل شىء كثير من الرطوبة التي كانت في البلغم الذي استحال إليه (٤). فستعلم بعد (٥) أن البلغم (٦) الطبيعى دم (٧) استحال بعض الاستحالة. وأما أيبس ما في البدن فالشعر ، لأنه من بخار دخانى تحلل ما كان فيه من خلط البخار وانعقدت الدخانية الصرفة ، ثم العظم (٨) لأنه أصلب الأعضاء فإنه أرطب من الشعر ، لأن كون العظم من الدم. ولذلك ما كان العظم يغذو كثيرا من الحيوانات ، والشعر لا يغذو شيئا منها ، وإن عسى (٩) أن يغدو نادرا من جملتها ، كما قد يظن أن الخفافيش (١٠) تهضمه وتسيغه. لكنا إذا أخذنا قدرين متساويين من العظم (١١) والشعر في الوزن فقطرناهما في القرع والإنبيق (١٢) ، سال من العظم ماء ودهن (١٣) أكثر ، وبقى له ثفل أقل. فالعظم إذن أرطب من الشعر ، وبعد العظم فى اليبوسة الغضروف ، ثم الرباط ، ثم الغشاء ، ثم الأوردة ، ثم الشرايين ، ثم عصب الحركة ، ثم القلب ، ثم عصب الحس فإن عصب الحركة أبرد وأيبس معا من المعتدل ، وعصب الحس أبرد وليس أيبس كثيرا من المعتدل ، بل عساه (١٤) أن يكون قريبا منه وليس أيضا كثير (١٥) البعد منه في البرد (١٦) ؛ ثم الجلد.
__________________
(١) بخارات : رطوبات سا.
(٢) هو : ساقطة من م
(٣) الدم : البلغم م.
(٤) إليه : ساقطة من سا.
(٥) بعد : ساقطة من م
(٦) البلغم : الدم ب
(٧) د م : بلغم ب.
(٨) العظم : الشعر م.
(٩) وإن عسى : أو عسى د ، سا ، م ؛ وعسى ط.
(١٠) الخفافيش : الخنافيس م.
(١١) العظم : الطعم م
(١٢) والإنبيق : والأنابيق م.
(١٣) ودهن : داخن ط.
(١٤) عساه : عسى ط ، م.
(١٥) كثير : كثيرا د ، ط ؛ أكثر سا
(١٦) فى البرد : ثم الردم.