كالماء تارة ، وفشا (١) أخرى (٢) في جوهر يابس قليل كحجر آجرى (٣). فإنا نجد (٤) حينئذ (٥) الحار المائى أكثر كمية (٦) وألين كيفية ، والحار الحجرى أقل كمية وأحد كيفية. وعلى هذا فقس وجود الحار في الصبيان والشبان ، فإن الصبيان إنما يولّدون من المنى الكثير الحرارة ، وتلك الحرارة لم يعرض لها من الأسباب ما يطفئها ، فإن الصبى ممعن في التزيد ، ومتدرج فى النمو ، ولم يقف بعد ، فكيف يتراجع (٧) ؛ وأما الشباب فلم يقع له سبب يزيد في حرارته (٨) الغريزية ولا أيضا وقع له (٩) سبب يطفئها. بل تلك الحرارة مستحفظة فيه برطوبة أصلية أقل كمية وكيفية معا ، إلى أن يأخذ في الانحطاط. وليست قلة (١٠) هذه الرطوبة تعد قلة بالقياس إلى استحفاظ الحرارة ، ولكن بالقياس إلى النمو. فكأن (١١) الرطوبة تكون أولا بقدر ما يحفظ الحرارة ويفضل أيضا للنمو ، وأخيرا (١٢) بقدر لا يفى بكلا الأمرين ، ثم يصير بقدر لا يفى (١٣) بأحد الأمرين ، فيجب أن يكون في الوسط بحيث يفى بأحد الأمرين دون الآخر. ومحال أن يقال إنها تفى بالتنمية ولا تفى بحفظ الحرارة الغريزية ، فإنه كيف يزيد على الشىء ما ليس يمكنه أن يحفظ الأصل فبقى أن يكون إنما تفى بحفظ الحرارة ولا تفى بالنمو ، ومعلوم أن هذه (١٤) السن هي (١٥) (١٦) سن الشباب.
وأما قول الفريق الثاني (١٧) أن النمو في الصبيان إنما هو بسبب الرطوبة دون الحرارة ، فقول باطل. وذلك لأن الرطوبة مادة للنمو (١٨) ، والمادة لا تنفعل ولا تتخلق بنفسها ، بل عند فعل القوة الفاعلة فيها ؛ والقوة الفاعلة هاهنا هي نفس أو طبيعة بإذن الله تعالى (١٩) ذكره (٢٠) ، ولا يفعل إلا بآلة هي الحرارة الغريزية. وقولهم أيضا إن كثرة الشهوة في الصبيان
__________________
(١) وفشا : ونشا م (٢) أخرى : ساقطة من د ، سا ، ط ، م
(٣) آجرى : ساقطة من ب ؛ أخرى د ، ط ؛ آخر م
(٤) فإنا نجد : نجد ب ؛ فنجد د ، سا.
(٥) حينئذ : فحينئذ ب
(٦) كمية (الأولى) : ساقطة من د ، سا.
(٧) يتراجع : متراجع ط
(٨) حرارته : حرارة د ، م ؛ الحرارة ط.
(٩) له : ساقطة من ط. (١٠) قلة (الثانية) : ساقطة من د ، م.
(١١) فكأن : وكأن ب ، م.
(١٢) وأخيرا : وأجزاء د ؛ وآخرا سا ، ط ، م.
(١٣) بكلا ... لا يفى : ساقط من ط.
(١٤) هذه : هذا د ، ط (١٥) هذه السن هى : هذا ليس هو سا
(١٦) هى : هو د. (١٧) الثاني : + من سا ، ط.
(١٨) للنمو : النمو د ، سا ، م. (١٩) تعالى : ساقطة من د ، سا
(٢٠) ذكره : ساقطة من ب ، د ، سا.