وإذا (١) أفرط في ذلك بيضه. تأمل هذا في الحطب يتفحم أولا ، ثم يترمد ، وذلك لأن الحرارة تفعل في الرطب سوادا وفي ضده بياضا ، والبرودة تفعل في الرطب بياضا وفي ضده سوادا. وهذان الحكمان منى في الكراثى والزنجارى تخمين. وهذا النوع (٢) الزنجارى أسخن أنواع الصفراء وأردؤها وأقتلها ، ويقال (٣) إنه من جوهر السموم.
وأما السوداء ، فمنه طبيعى ، ومنه فضل غير طبيعى. والطبيعى دردى الدم المحمود ، وثقله وعكره وطعمه بين حلاوة وعفوصة (٤). وإذا تولد في الكبد توزع إلى قسمين : فقسم منه ينفذ مع الدم ، وقسم يتوجه نحو الطحال. والقسم النافذ منه مع الدم ينفذ لضرورة ومنفعة. أما الضرورة فليختلط (٥) بالدم بالمقدار الواجب في تغذية عضو عضو من الأعضاء التي يقتضى أن يقع في مزاجها (٦) جزء صالح من السوداء مثل العظام ، وأما المنفعة فهى أنه يشد الدم ويقويه ويكثفه (٧). والقسم النافد منه إلى الطحال وهو ما استغنى عنه الدم ينفذ أيضا لضرورة ولمنفعة. أما الضرورة فتغذية الطحال ، وأما (٨) المنفعة فعلى (٩) وجهين : أحدهما أنه يشد فم المعدة ويكثفها ويقويها ، والثاني أنه (١٠) يلذع فم المعدة بالحموضة فينبه على الجوع ويحرك الشهوة.
واعلم (١١) أن الصفراء المتحلبة إلى المرارة هي ما يستغنى عنه الدم ، والمتحلبة عن المرارة هي ما تستغنى عنه المرارة. وكذلك (١٢) السوداء المتحلبة إلى الطحال هي ما يستغنى عنه الدم والمتحلبة عن الطحال هي (١٣) ما يستغنى عنه الطحال. وكما أن تلك (١٤) الصفراء الأخيرة تنبه القوة الدافعة من أسفل فكذلك (١٥) هذه السوداء الأخيرة تنبه القوة الجاذبة (١٦) من فوق ، فسبحان الله أحسن الخالقين.
__________________
(١) وإذا : فإذا ط ، م.
(٢) النوع : + من ط ، م.
(٣) ويقال : يقال ط.
(٤) حلاوة وعفوصة :
الحلاوة والعفوصة ط.
(٥) فليختلط : فيخلط م.
(٦) مزاجها : غذائها هامش ط.
(٧) ويكتفه : بليفه سا ، م.
(٨) فتغذية الطحال وأما : فإما بحسب البدن كله وهو التنقية عن الفضل وإما بحسب عضو واحد يغذيه الطحال فإنما يقع عند تخليها إلى فم المعدة وتلك ب.
(٩) فعلى : على ب.
(١٠) أنه (الثانية) : أنها ط.
(١١) واعلم : اعلم ط.
(١٢) وكذلك : وكذا د.
(١٣) هى : وهي د
(١٤) وكما أن تلك : وتلك ط ، م.
(١٥) فكذلك : كذلك د ؛ وكذلك ط ، م
(١٦) الجاذبة : الحادثة سا.