أقول : يشبه أن يكون الدماغ إنما صار لا يؤلم ما يحدث فيه من الورم الذي يكون فى جوهره ، بل إنما يؤلم الورم الذي في حجبه (١) لذلك (٢). وليس يمنع كون الدماغ خزانة ما للقوة الحاسة (٣) وللروح بعد القلب أن لا يكون له في نفسه حس ، وذلك لأنه (٤) مبدأ أيضا للبصر ، وبنفسه لا إبصار له ، وهو مبدأ للقوة المحركة بالإرادة ، وهو في نفسه لا حركة له إرادية ، بل بالحقيقة مبدأ هذه القوى هو الروح الذي فيه وهو خزانة لذلك الحاس (٥) الذي يتم (٦) حسه عند عضو ما معين يصل إليه ، كما أن القحف أيضا عند من يجعل الدماغ حساسا خزانة له. وليس إذا كان الشىء خزانة أو منفذا لروح ذى قوة يجب أن يكون له نفسه تلك القوة ، كما أن العصبتين المجوفتين وعاءان للقوة الباصرة ولا قوة باصرة فى جوهرهما ، لكن الدماغ له (٧) شىء ليس للأوعية التي ذكرناها ، وهو أنه يعدل مزاج الروح الحار ، فيكون أوفق لأفعال الحس والحركة أو مختصا بها. كأن الروح الذي فى القلب مشترك للقوى (٨) ، فإذا (٩) صار في الدماغ صار (١٠) بعض القوى فيه (١١) أظهر فعلا ، أو صار (١٢) يفعل بالجملة. وإذا صار إلى الكبد صار أجزاء (١٣) بعض القوى أظهر فعلا أو صار يفعل (١٤) بالجملة. فيكون الدماغ إنما يكون ليعى (١٥) الروح الحساس (١٦) خاصة ويعدلها ، لا لأن يحس بجوهره ، وخصوصا وقد قال الطبيب إن اللمس بالاعتدال وكل حيوان أعدل أعضاء فهو ألمس أعضاء ، ثم شهد بنفسه أن الدماغ خارج عن الاعتدال وليس خروجه إلى جنبة (١٧) المزاج الذي به تقوى الأفعال وهو الحار ، بل إلى المزاج الذي تسقط غلبته (١٨) الأفعال وهو البرد. فلا ينبغى أن يتخذ الطبيب هذا الكلام حجة له في التعجب من الفلاسفة الكبار.
وأما القلب فهو معتدل (١٩) بوجه ما في جوهره ، لأنه لحمى ؛ فإن مال (٢٠) إلى المزاج
__________________
(١) حجبه : حجمه ط (٢) لذلك : ولذلك م.
(٣) الحاسة : الحساسة ب (٤) وذلك لأنه : ولأنه ذلك م.
(٥) الحاس : الحساس د ، سا.
(٦) يتم : ساقطة من د.
(٧) له : ساقطة من د ، سا.
(٨) للقوى : للقوة سا
(٩) فإذا : وإذا ط ، م
(١٠) صار (الثانية): + أجزاء ط
(١١) فيه : ساقطة من ط ، م
(١٢) أو صار : وصار ب ، م.
(١٣) أجزاء : ساقطة من م
(١٤) أو صار يفعل : أو يفعل ب ؛ وصار يفعل م.
(١٥) ليمى : ليقى سا ، ليتقى ط
(١٦) الحساس : الحساسة ط ، م.
(١٧) جنبة : جنيبة د. (١٨) غلبته : غلبة د ، م.
(١٩) معتدل : المعتدل ط (٢٠) مال مال : مال م.