وأما الجفن فلما كان الأسفل منه غير محتاج إلى الحركة ، إذ الغرض يتأتى ويتم بحركة الأعلى وحده (١) فيكمل به التغميض (٢) والتحديق. وعناية الله تعالى مصروفة (٣) إلى تقليل الآلات ما أمكن إذا (٤) لم تخل (٥) ، إذ في التكثير (٦) من الآفات ما تعرف. وإنه وإن كان قد يمكن أن يكون الجفن الأعلى ساكنا والأسفل متحركا ، فإن (٧) عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الأفعال من مباديها وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها على أعدل طريق وأقوم منهاج.
والجفن الأعلى أقرب إلى منبت الأعصاب ، فتعليق العضل به أصوب ، وأيضا فإن العصب (٨) إذا سلك إليه لم يحتج إلى انعطاف وانقلاب. ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتى الارتفاع عند فتح الطرف والانحدار عند التغميض وكان التغميض يحتاج إلى توتير عضلة (٩) جاذبة إلى أسفل ، لم يكن بد من أن يأتيها العصب منحرفا (١٠) إلى أسفل فمرتفعا إليه. وكان (١١) حينئذ لا يخلو إن كانت واحدة من أن تتصل إما بطرف الجفن وإما بوسط الجفن ، ولو اتصلت بوسط الجفن لغطت الحدقة صاعدة إليه. ولو اتصلت بطرف لم تتصل إلا بطرف واحد فلم يحسن انطباق الجفن على الاعتدال ؛ بل كان يتورب فيشتد (١٢) التغميض (١٣) في الجهة التي تلاقى الوتر أولا (١٤) ، ويضعف في الجهة الأخرى. فلم يكن يستوى (١٥) الانطباق بل كان يشاكل انطباق (١٦) جفن (١٧) الملقو. فلم تخلق عضلة واحدة ، بل عضلتان تأتيان من جهة الموقين تجذبان الجفن إلى أسفل جذبا متشابها.
وأما فتح الجفن فقد كان يكفيه عضلة تأتى وسط الجفن فيبسط طرف وترها على حرف الجفن ، وإذا تشنجت فتحت. فخلقت لذلك واحدة تنزل على الاستقامة بين الغشاءين ، فتتصل مستعرضة بجرم شبيه بالغضروف منفرش تحت منبت الأشفار. وأما الهدب فقد خلق لدفع ما يطير إلى العين وينحدر إليها (١٨) من الرأس ولتعديل
__________________
(١) وحده : ساقطة من م
(٢) التغميض : التغمض م
(٣) مصروفة : + جل جلاله د.
(٤) إذا : إن د ، سا ، وط ، م
(٥) تخل : + آفة د (٦) التكنير : الكثير م.
(٧) فإن : كأن د ، سا. (٨) العصب : العضل م.
(٩) عضلة : عضل م
(١٠) منحرفا : متحركا م.
(١١) وكان : فكان د ، سا ، ط ، م.
(١٢) فيشتد : ويشتد د ، سا
(١٣) التغميض : ساقطة من د ، سا ، ط ، م
(١٤) أولا : ساقطة من د.
(١٥) يكن يستوى : يمكن أن يستوى بخ.
(١٦) الانطباق : ساقطة من م
(١٧) جفن : الجفن د.
(١٨) إليها : إليه د ، سا ، م.