وهذا الروح جسم ما إلهى ، نسبته من المنى ومن الأعضاء نسبه العقل من القوى النفسانية. فالعقل أفضل جوهر غير جسمانى ، والروح أفضل جوهر جسمانى. وهذا الجوهر لا يفارق المنى ما دام صحيحا مضبوطا في الرحم ، بل يحيل المنى إلى جوهره فيتحلل (١) ويلطف (٢) ويصير روحا ، فتمتلئ النطفة (٣) المتكونة ريحا (٤) روحيا لا ريحا فضليا نفخيا ، كما ظن الطبيب. وتكون هذه (٥) الريح روحا نافذة تكون الأعضاء بالقوى التي فيها (٦) وتتممها. وهو مثل الإنفحة تخالط اللبن وتفعل في أجزائه التي تنفد فيها (٧) من غير أن يكون هو جزء (٨) الجبن ، بل الجبن منفعل عنه. كذلك هذا المنى ليس هو جزء الأعضاء ، بل مبدأ روحى نافذ فيه يفعل الأعضاء.
ولا يظن أنه يقول إن المنى يتحلل ويتفرق ويذهب ريحا ، بل غرضه ما بينته لك (٩).
قال : فإذا (١٠) وقع المنى في الرحم قوم نطفة (١١) الأنثى وحركها (١٢) ، وتحرك هو أيضا معها ، فإنه يحرك بأن يتحرك ويخالط ويماس.
وهذا دليل على ما نسبناه إليه من المذهب ، فالجسد (١٣) من الأنثى ، والروح النفسانى من الذكر. والمولود من ذكر وأنثى مختلفين إذا تمادى الزمان وبقى (١٤) التناسل مال إلى مشاكلة الأنثى لغلبة المادة على الصورة. كما أن البزور إذا نقلت (١٥) عن (١٦) أرض ما ، فإنها إذا تكررت الحراثة بها مالت (١٧) إلى طبيعة تلك الأرض فأنبتت (١٨) ما يشاكلها ، ولم تنبت الغريب ، كالقنبيط (١٩) يزرع في بلاد خراسان فيجيء (٢٠) سنة قنبيطا ثم يصير كرنبا لا قنبيط فيه (٢١) ، ثم يصير كسائر الكرنب. وكذلك أجناس البطيخ فإنها إذا نقلت إلى أرض غريبة (٢٢)
__________________
(١) فيتحلل : فيحلل د ، سا ، ط ، م.
(٢) ويلطف : فيلطف ط (٣) النطفة : النطف د
(٤) ريحا (الأولى) : روحا سا.
(٥) هذه : هذا ط (٦) فيها : فيه د ، سا ، م.
(٧) فيها : فيه د ، سا ، ط ، م
(٨) هو جزء : جزءا فلو كان جزء د.
(٩) لك : كذلك ط. (١٠) فإذا : وإذا ط ، م
(١١) نطفة : نطف د (١٢) وحركها : وحركه د ، سا ، ط ، م.
(١٣) فالجسد : ما يجسد سا.
(١٤) وبقى : فى د ؛ فى بقاء سا ، ط ، م.
(١٥) نقلت : تقلبت م (١٦) عن : إلى د ، سا ، ط ، م.
(١٧) فإنها ... مالت : ساقطة من سا.
(١٨) فأنبتت : فأنبت سا ، م.
(١٩) كالقنبيط : كالقنويط ط
(٢٠) فيجيء سنة : فيجنى يشبه د ؛ فيجنى سنة ط.
(٢١) فيه : به م (٢٢) غريبة : غريب م.