الفصل الأول
توطئة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد لله مسير الخلائق في البر والبحر ، وميسر الطرائق والأسباب لمن شاء أن يسوقه إلى ما أراد من عمران أو قفز. وفق بفضله من سبقت له العناية من خلقه ، فكانت تجارتهم رابحة ولسعيهم أعظم فائدة. وأضل بعدله من كتبت عليه الشقاوة ، فكانت صفقتهم خاسرة ، ووجهتهم عن صوب الصواب حائرة.؟ (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً)؟ (١). أقام سبحانه على انفراده بالوحدانية ، واختصاصه بنعوت الألوهية وتنزه عن الأين والأمد والوالد والولد ، قواطع البراهين التي ليس فيها لذوي البصائر من الارتياب شائبة. (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ)(٢).
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، المنفرد باختراع هذا العالم وإبداعه من غير سبق ولا مشاكلة. جعل فيه مدنا وأمصارا وبراري وقفارا وقرى كبارا وصغارا ، وبث فيها أمما مختلفي الألسنة والألوان والاعتقادات والأديان ، ليزداد أولوا البصائر
__________________
(١) سورة النحل ، الآية ٩٣. وتعني «الأمة» هنا مجموعات بشرية تجمع بينها روابط قد تكون عرقية أو لغوية أو دينية ؛ وحين تستعمل لفظة «أمة» ، فإنها غالبا ما تعني بوجه خاص العناصر البشرية التي تتكون منها شعوب المجموعة الإسلامية. انظر مادة «أمة» في : SEI ,S.V."Umma ".
(٢) سورة الأنعام ، الآية ١٠١.