خصوصا جهته الشمالية ويسمى البحر الشامي لأنه ينتهي إلى بلاد الشام (١) ، ويسمى البحر المتوسط. ويعرف الآن عند عامة أهل المغرب بالبحر الصغير ، لأنه في مقابلة المحيط الذي يسمونه الكبير (٢). ومبدؤه من الخلج المتضايق بين طنجة وطريفة ، في عرض نحو اثني عشر ميلا ، وهو المسمى بالزقاق ويعرف عند العامة بالبوغاز (٣). وهو ما بين سبتة وقصر الجواز المعروف بالقصر الصغير (٤) في جهة الجنوب ، وبين الجزيرة الخضراء وطريفة في جهة الشمال ، وليس له منفذ للمحيط إلا من هذا الزقاق ، ومبدؤه هذا هو في الإقليم (٥) الرابع.
وبيان ذالك أن شكل الأرض عند الحكماء كرة ، وأنها محفوفة بعنصر الماء ، كأنها عنبة طافية انحسر الماء عن بعض جوانبها ، وهذا الذي انحسر عنه الماء من الأرض هو النصف من سطح كرتها فهي شكل دائرة أحاط الماء بها من جميع جهاتها ، والماء المحيط بها هو الذي يسمى البحر المحيط (٦). وهذه الدائرة يقسمها
__________________
الفرنسيين. ٣. فرانسا : لم يرد سابقا اسم هذا البلد إلا تحت عبارة «بلاد الفرنسيس» ، كما تشهد بذلك نصوص الوثائق المخزنية. وحين حل الصفار بفرنسا وسمع بتسميتها الأصلية : فرانس (France) ، شرع هو الآخر في استعمالها. ولمزيد من المعلومات انظر :
Lewis, Muslim Discovery, pp. ٠٢, ٠٤١; IB ٢ : ٥١٤ note ٤١.
(١) «الشام» هو التسمية العربية التي كانت معروفة عن بلاد سوريا خلال العصر الوسيط.
(٢) وهو المحيط الأطلسي.
(٣) وهي التسمية التي يطلقها المغاربة على مضيق جبل طارق. انظر : Harrell ,p.١٤ في حين يقول التامكروتي إن الكلمة تركية. النفحة ، ص. ٤٣.
(٤) «القصر الصغير» هو النقطة التي كان ينطلق منها المغاربة لشن حملاتهم على الإسبان. ومن ثم جاءت تسميته بقصر الجواز. انظر :
E. Michaux ـ Bellaire," El ـ Qc؟ar Ec؟ـ C؟eghir", RMM ٦١, ٢١) ١١٩١ (: ٠٥٣.
(٥) أصل كلمة «إقليم» من اليونانية (Klima) ، وتعني نطاقات معينة من المساحات المكونة للأرض عند خطوط العرض. انظر : ١١١ : ١Muqaddimah
(٦) جاء عند ابن خلدون : «[...] أن شكل الأرض كروي وأنها محفوفة بعنصر الماء كأنها عنبة طافية عليه ما انحسر الماء عن بعض جوانبها [...] وأما الذي انحسر عنه الماء من الأرض فهو النصف من سطح كرتها في شكل دائرة أحاط العنصر المائي بها من جميع جهاتها بحرا يسمى البحر المحيط [...]» ، المقدمة ، طبعة بيروت الصادرة سنة ١٩٧٨ ، ص. ٤٤.