القسطنطينة العظمى وهي اسطانبول (١). ثم خرج في خليج أيضا يسمى خليج القسطنطينة ، وانفسح في بلاد الموسكوا (٢). وهذا البحر المنفسح في بلاد الموسكوا هو الذي يعرف عند العامة بالبحر الأكحل ، ويسمى عند الترك قاراداننر وهما كلمتان : فقار هو الأسود ، ودانير هو البحر باللغة التركية ، يعني البحر الأسود بتقديم الصفة كما هي قاعدة تركيب العجم. وهنالك انحصر هذا الداخل هنا ، ثم ذهب من بوغاز شانة قلعة على مدينة إزمير. ثم عليه هنالك وبعده أمم كثيرة من الروم والأتراك ، إلى أن وصل لبلاد الشام ، ودار إلى جهة الإسكندرية ، وهذا منتهاه.
وفي هذا البحر جزر كثيرة عامرة ؛ فمنها جزيرة يابسة (٣) وميورقة وماعون (٤) ، وكلها للإصبنيول قرب بلاده. ومنها جزيرة سردانية وهي للصردوا ، ومنها جزيرة كرسيكة وهي للفرنسيس ، ومنها جزيرة صقلية وهي للنبليطان ، وهي التي تسمى الآن سيسليا وتقدم ذكرها (٥). ومنها جزيرة مالطة المشهورة ، وهي في حكم الانكليز. ومنها جزيرة كريت قبالة المورة. ومنها جزيرة قبرس قبالة سواحل الشام. وفيه جزر أخرى صغيرة كثيرة خصوصا في بلاد الترك والمورة.
رجع إلى ما كنا فيه. فبعد مسيرنا أربعة أيام ونحن في أرغد عيش وأهنا مقام ،
__________________
(١) استعمل الرحالة المغاربة كلا التسميتين. في القرن الرابع عشر الميلادي ، أشار ابن بطوطة إلى أن «أحد الجزئين المكونين لمدينة القسطنطينية هو استنبول. وهو الواقع على الضفة الشرقية للنهر» IB ٢ :. ٥٠٨ أما في القرن السادس عشر ، فقد سماها التامكروتي بالقسطنطينية ، النفحة ، ص. ٤٣. ولمزيد من التفاصيل حول أصول تلك التسمية ، انظر :
D. J. Georgacas," The Names of Constantinople", Transactions of the American Philological association ٨٧) ٧٤٩١ (: ٦٦٣ ـ ٧٦; El ٢, s. v." Istanbul".
(٢) والمقصود بها روسيا القيصرية ، وترد في المراسلات المخزنية خلال القرن التاسع عشر هكذا : المسك ، أو «الموسك» أو الموسكوا ، انظر محفظات المغرب وروسيا بمديرية الوثائق الملكية في الرباط (المعرب).
(٣) وهى جزيرة إيبيزة (Ibiza).
(٤) وهي جزر مينورقة وما يورقة (Majorque) و (Minorque).
(٥) تمكن الأغالبة منذ القرن التاسع الميلادي من احتلال صقلية ، فظلت تحت السيطرة العربية لمدة قاربت المائتي سنة. القزويني ، آثار البلاد ، ص. ٢١٥ ـ ٢١٦ ؛ وكذلك :
P. Hitti, The Histoiry of the Arabs) New York, ٧٦٩١ (, pp. ٢٠٦ ـ ٦٠٦.