الفصل الثالث
فصل جفي ذكر مدينة باريز
فصل في ذكر مدينة باريز وما يتعلق بها مما شاهدناه بها أو خلص إلينا علمه من أحوالها ، وفي ضمن ذالك الكلام على عوائد الفرنسيس وأحوالهم وأمورهم.
اعلم أن هذه المدينة هي قاعدة بلاد الفرنسيس وأعلم حواضرهم وكرسي مملكتهم ومسكن عظمائهم ومنشأ قوانينهم وشرائعهم ودار علومهم بها يتفاخرون وفي سكناها يتنافسون ، وبها وبأهلها في عوائدهم وءادابهم وحضارتهم يأتسون.
وهي مدينة عظيمة كبيرة من كبار المدن المذكورة في الأقاليم كالقسطنطينة العظمى للمسلمين وما يضاهيها ، يقال إن دورها ثمانية وأربعون ميلا ، وأخبرني بعض أهلها أن الماشي الراجل يقطع دورها في سبع وعشرين ساعة. وأخبرني شخص آخر أن دورها أحد وعشرون ميلا. وذكر الرفعة أفندي في رحلته أن محيطها سبعة فراسخ ، وكان طال مكثه بها نحو الخمس سنين (١). وهي موضوعة في التاسعة
__________________
(١) سبعة فراسخ تعادل حوالي واحد وعشرين ميلا. والمقصود ب «الرفعة أفندي» هو رفاعة رافع الطهطاوي (انظر الهامش ١٢٧ في الصفحات الخاصة بالدراسة). وكل الإحالات إلى كتابة تخليص مأخوذة من الطبعة التي أعدها محمد عمارة ، تحت عنوان : الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي ، الجزء ٢ (بيروت ، ١٩٧٣) ، ص. ٩ ـ ٢٦٦ ، وأيضا من الترجمة الفرنسية المختصرة التي وضعها أنور لوقا : Anouar Louca, L\'or de Paris : Relation de voyage, ٦٢٨١ ـ ١٣٨١) Paris, ٨٨٩١ (.