طويل كالبعير وهي أعلا منه ، ورأسها مستطيل كرأس الفرس إلا أنه أدق منه. وفي جبهتها مثل قرنين مقطوعين ، إلا أنهما من لحم وشعر كأذنين مقطوعين. وذنبها يشبه من أعلاه ذنب البقر ، وفي أسفله شعرات ولونها حسن ، وليست لونا واحدا بل فيها الأبيض والأحمر فهي بلقاء ، وهي نظيفة لا يرى في مؤخرها ولا في ذنبها أثر روث ولا قذر. ومن طبعها الحنانة والألفة ، يناولها الإنسان بيده ما تأكل فتأخذه منه برفق ويدور خلفها فلا تضربه ولا تؤذيه. ويقال أنها متولدة من ثلاث حيوانات ، الناقة الوحشية والبقرة الوحشية والضبع ، فينزوا الضبع على الناقة فتأتي بذكر ، فينزوا ذالك الذكر على البقرة فيتولد منه الزرافة. والصحيح أنه خلق مستقل بذاته ذكر وأنثى كسائر الحيوانات.
ومنها الجواميس والبخت والليين ، وهو حيوان قدر الجدي وله قرنان كل قرن يخرج منه قرينات صغار ، فقرناه كفروع الشجرة ، ولذلك يقال : «الليين يزيد كل عام قريين». ومنها حمر من أرض الهند ولها لون أحمر حسن ، وهي شرارة تعدوا على من يقرب منها. وكان عندهم هناك حمار من حمرنا زعموا أنه خنثى (١) ، فسألناهم الاطلاع عليه فاعتلوا بحضور النساء. وهنالك كثير من الغزلان والأسود والنمور على أشكال وأنواع ، منها النوع المعروف ، ومنها نوع آخر جلده مخطط زعموا أنه نمر بلاد ميريكة. وهناك أيضا كثير من الذياب وهي أكبر من ذياب بلدنا ، وفيها شرارة وعداء على من قرب منها. وكثير من القرود على أشكال وأنواع ، ثم هناك أيضا عدد كثير من الحيوانات التي تشبه في القدر القنية والأرنب والنمس والفأر. وهناك أيضا قبة كبيرة مخصوصة بأنواع الطير ، وتلك القبة من سلك رقيق بحيث تمنعهم الخروج ولا تمنعهم الضوء والنظر.
وفي هذا البستان أيضا سراية بيرة مشتملة على بيوت عديدة فيها أنواع الأحجار والمعادن النفيسة وغيرها ، لا يدرك لها عدد ولا يمكن إحصاؤها لكثرتها. فأول ما دخلنا ، لقينا قبالة بابه صلدة (٢) من تراب وعظام ملتصق بعضها ببعض ، زعموا أنها من بقية الطوفان. وفيه أيضا صلدة كبيرة من الذهب الخالص الصافي ، زعموا أنها
__________________
(١) أو خنثوي ، أو هيمافروديت (Hermaphrodite) ، ومعناه أن يحمل صنف معين من النبات أو الحيوان أو الإنسان أعضاء تناسلية ذكرية وأنثوية في آن واحد.
(٢) ومعناها هنا الكتلة المتماسكة من الصخر أو التراب (المعرب).