لا تحقرن الرأي وهو موافق |
|
وجه الصواب إذا أتى من ناقص |
فالدار وهو أجل شيء يقتنى |
|
ما حط قيمته هوان الغائص (١). |
ومن جملة قوانينهم التي أسسها لهم سلطانهم لويز الثامن عشر ، والتزموا اتباعها ، أنه لا يمنع إنسان في فرانسا أن يظهر رأيه وأن يكتبه ويطبعه ، بشرط أن لا يضر ما في القوانين ، فإن أضر أزيل. وكان من جملة ما نقموا على ملكهم شرل العاشر الذي كان قبل هذا الملك الموجود الآن. وكان السبب في قيامهم عليه وخلعهم طاعته ، أنه أظهر النهي عن أن يظهر أحد رأيه أو يكتبه ويطبعه في الكازيطات ، إلا إذا اطلع عليه أحد من أهل الدولة ، فلا يظهر منها إلا ما أراد إظهاره (٢).
ويكتبون في الكوازيط اعتراضات على أهل القمرتين فيما أبدوه من القوانين. وإن جار سلطانهم فضلا عن كبير من كبرائهم ، أو خرج عن القانون في أمر ما ، يكتبونه في الكازيطة ويقولون إنه ظالم وليس على الحق ، ولا يقدر أن يقابل من قال ذالك أو فعله بسوء. ومنها أن من فعل فعلا عظيما يمدح به أو يذم ، فإنه يكتب في الكوازيط ليكون معلوما للخاص والعام. فإن كان حسنا مدحوه به لينشط ويرغب في مثله ، وإن كان قبيحا ذموه عليه ليرتدع عن مثله. ومنها أن من كان مظلوما من أحد بمظلمة ، كتبها في هذه الورقات ليطلع عليها كل الناس ، فتعرف قصة المظلوم والظالم من غير زيادة ولا نقص ، حتى تصل لمحل الحكم وينظر فيها بما تقتضيه شرائعهم. ومنها أن من أراد إشهار سلعته مثلا ، فيكتبها في الكازيطة ويمدحها ويذكر محله وثمنها رغبة في النفاد ، أو أراد أن يبيع دارا أو عقارا ، أشهر ذالك في الكوازيط ليعلمه الناس. وبالجملة ، فالكوازيط عندهم من أهم المهمات ، حتى أن أحدهم قد يصبر على الأكل والشرب ولا يصبر على النظر في الكازيطة.
__________________
(١) تخليص ، ص. ١٠٤ ؛ ١٣٨L\'or ,p.
(٢) استقى الصفار معلوماته من رفاعة الطهطاوي الذي كان حاضرا في الديار الفرنسية عند بداية اندلاع ثورة ١٨٣٠ ، فخصص لها حيزا كبيرا من كتابه ، انظر : تخليص ، ص. ٢٠١ ـ ٢٢٤ ، ٢٦٣ ـ ٢٣٧.L\'or ,pp