دار الفزك
وفي غد ذاك اليوم ذهبنا لدار من ديار تعلمهم يسمونها دار الفزك (١) ، وهو اسم علم عندهم ، ويترجمون عنه بعلم الطبائع وبعلم الكيمياء. ومداره على علم معرفة طبائع ذوات الأشياء ، كجذب المغناطيس الحديد وتموج الهواء بالصوت الذي يسير فيه ، وغير ذلك مما لم نعرف له اسما. وفي هذه الدار آلات غريبة وأشكال عجيبة (٢).
__________________
(١) إن كلمة فزك من تعريب الصفار ، أخذها عن لفظة (physique) الفرنسية. وقال إنها تعني «علم دراسة الأشياء الطبيعية» ، غير أن واقع الأمر استعمل المصطلح بمفهوم أوسع ، يشمل في معناه «العلوم التجريبية» حيث عاين الصفار إجراء تجارب في الكهرباء السكونية والضغط والموجات الصوتية والتكبير الظاهري بواسطة العدسات المكبرة. وقدم الطهطاوي للصفار مساعدة طفيفة في الموضوع ، على الرغم من إشارته إلى أن الكيمياء كانت من العلوم الموجودة في فرنسا ، فقال إنها تهدف إلى «معرفة تحليل الأجزاء وتركيبها (...) وليس المراد بالكيميا حجر الفلاسفة كما يظنه بعض الناس فإن هذا لا تعرفه الإفرنج ولا تعتقده أصلا». تخليص ، ص. ٢٢ ؛ .. ٥٧.L\'or ,p واستعمل خير الدين التونسي أيضا مصطلح الفزك بالمعنى نفسه ، أي التجارب العلمية ، انظر :
Khayr ad ـ Din at Tunisi) trans. Brown (, The Surest Path, p. ٩٠١ note ٢١١.
وكانت «دار الفزك» تسمى وقت وجود الصفار في باريز : كونسرفتوار دي زار إي ميتيي (Conservatoire des Arts et Me؟tiers) ، أو معهد الفنون والصنائع ، وتعرف اليوم باسم آخر هو : موزي ناسيونال دي تكنيك (Musse؟e National des Techniques) أو المتحف الوطني للتقنيات حيث لا تزال جل الآلات التي شاهدها الصفار. انظر :
AAE / ADM / Voyages" Visites dans Paris".
(٢) إلى حدود أيام محمد الصفار ، لم تكن العلوم في المغرب قد عرفت أي تطور يستحق الذكر منذ زمن ابن خلدون. لكن غياب التجديد لم يكن يعني عدم وجود اهتمامات بالقضايا العلمية ، لأن الطلبة استمروا مع ذلك في دراسة النصوص القديمة الموروثة عن قرون خلت ، لاحتوائها بصفة أساسية على قضايا علمية في مواضيع تتعلق بممارسة الشعائر الدينية ، كما كان حال علم الفلك لضبط أوقات الصلاة ، والهندسة لتحديد اتجاه القبلة في المساجد. انظر :
H. P. J. Renaud," L\'enseignement des sciences exactes et l\'e؟dition d\'ouvrages scientifiques au Maroc avant l\'occupatin europe؟enne", Hesp. ٤١, ١) ٢٣٩١ (: ٨٧ ـ ٩٨.