إلا عارف بالدّابد (١) والآلة وهذا مثالها بإشارة :
هكذا في الجملة ، وإلا فهي أتقن من هذا وأحسن. ويزعمون أن ذالك الطنين هو الذي أحدث تلك الأشكال والدوائر. وذالك عندهم مثال لكون الهواء يتموج بالصوت ، ويحدث فيه بالصوت هالات تنتشر مثل ما حدث في الرمل من ذالك الصوت ، فهو مثال لإدراكه بالحس. ومثله أيضا إذا ألقيت حجرا في الماء ، فإنه يحدث في الماء أدوارا وهالات ، وتنتشر حتى تبعد عن النظر. ومقصودهم بذالك أن يتوصلوا به إلى معرفة المدة التي يبلغ فيها الصوت من موضع إلى موضع.
ولهم في هذا المحل آلات كثيرة على ضروب مختلفة وأشكال متباينة ، ولا يعرف نتيجة ذالك إلا هم. ومن جملة ما رأيناه في هذه الدار ، آلة تكبر الذوات الصغيرة ، أي تصيرها كبيرة في رأي العين. وذالك بأن أغلقوا بيتا وجميع ما فيه من الطيقان حتى صار مظلما ظلمة حالكة ، وأتوا بنحو فنار ، إلا أنه ليس من الزجاج بل من الخشب أو النحاس ، وفيه ثقب صغير عليه زجاجة صغيرة جدا قدر الأنملة ، وأوقدوا في داخله قطعة شمع وأغلقوه ، وجعلوا ذالك الثقب قبالة الحائط ، فيضعون شيئا وإن كان دقيقا جدا على تلك الزجاجة ويلصقونه فيها بما يمكن أن يلصق به ، فينطبع في الحائط في ضوء تلك الزجاجة أعظم ما يكون وأكبره. فكان يظهر في شوكة النحلة سبعة أشبار وتظهر كأنها شطبة. ووضعوا عليها القملة فظهرت كالنسر ، ووضعوا عين
__________________
(١) أصله الضابط ، وهو أداة حديدية أو خشبية يستعملها بعض الحرفيين أو الصناع ، فحرفت إلى دابد للتخفيف. الصبيحي ، معجم ، ص. ١١٦ (المعرب).