الظروف المحيطة بسفارة أشعاش
أثيرت فكرة توجيه سفارة مغربية ، للمرة الأولى ، أثناء المفاوضات التي كانت جارية حول معاهدة لالة مغنية ، حينما اقترح الفرنسيون على السلطان إيفاد مبعوث عنه إلى فرنسا قصد إدخال «التغييرات والتحولات التي يتطلبها الوضع الجديد (١)» حيز التنفيذ. إلا أن المخزن أبدى تحفظا من ذلك العرض ، فمرت عدة شهور دون أن يصدر عنه جواب في الموضوع ، بينما كانت هناك بعض العناصر داخل الجهاز المخزني تتدارس الفكرة. ولم يخف بوسلهام بن علي أزطوط ، نائب السلطان وممثله أمام الهيئة الدبلوماسية ، لم يخف عن الوسيط الفرنسي في المفاوضات ، أنه يتبنى موقفا مؤيدا للمصالحة مع فرنسا ، غير أن وجهات نظره تلك لم تجد بعد آذانا صاغية داخل القصر. وجاء في أحد التقارير ، أنه عبر عن موقفه بالعبارات التالية : «إن التحالف مع فرنسا شيء مناسب لنا ، وهذه الفكرة ليست مقبولة بعد بشكل تام من طرف الإمبراطور ... غير أنها بدأت تدور في خلده ، وسأعمل على رعايتها بكل ما أملكه من وسائل (٢)». ونتيجة لهذا الموقف المشجع للفرنسيين ، كلف ليون روش Le؟on) (Roches الذي اشتهر بموهبته وتمسكه الصارم بمبادئه ، بمهمة التحضير لتلك السفارة وتنظيمها (٣). وتحقيقا لذلك ، ظل روش على اتصال مستمر بكل من النائب
__________________
(١) AAE / MDM ٩ / ٠٧٣ ، رسالة دولاروde la rue إلى ابن ادريس ، ٢٢ مارس ١٨٤٥.
(٢) AAE / CPM ٤١ / ٩١١ ـ ٢٢١ ، روش (Roches) إلى كيزو (Guizot) ، ٢٤ غشت ١٨٤٥. كان بوسلهام بن علي أزطوط عاملا على طنجة والعرائش ، وفي الوقت نفسه نائبا وممثلا للسلطان أمام قناصل الدول الأجنبية المقيمين بطنجة. وظلت العلاقات الخارجية في المغرب خاضعة في تسييرها لموظفين مخزنيين يقيمون بالشمال ، فيقومون بمهمة ربط الصلات بين السلطان وممثلي الدول الأجنبية دون أن يكون هناك اتصال مباشر وحقيقي بين الأجانب وشخص السلطان وبقية العناصر العليا داخل الجهاز المخزني.
(٣) ابتدأ ليون روش (Le؟on Roches) حياته مع الجيوش الفرنسية في الجزائر سنة ١٨٣٢. وفي سنة ١٨٣٧ ، خلال مرحلة الهدنة ، أصبح هو الكاتب الخاص للأمير عبد القادر الجزائري ، واتخذ لنفسه اسم عمر بن الروش. وفي ١٨٣٩ التحق من جديد بحاشية الجنرال بيجو (Bugeaud) ، ولعب