وعلى كلّ تقدير فالله أصله « إله » فحذفت همزته وادخل عليه الألف واللام وادغمت اللامان فصار « الله » وخص بالباري تعالى ، قال تعالى ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) ( مريم / ٦٥ ) (١).
والظاهر انّ القائلين بالاشتقاق والمنكرين له لا يختلفون في أنّه علم لذاته سبحانه وإنّما يختلفون في أنّ التسمية هل كانت ارتجالية وانّه لم تلاحظ في مقام التسمية أية مناسبة بين المعنيين أو كانت غير ارتجالية ، وقد نقل عن المعنى اللغوي إلى المعنى العلمي لمناسبة موجودة بينهما ، فالقائلون بالاشتقاق على الأوّل والمنكرون له على الثاني.
هذا هو لبّ النزاع في المقام.
والعجب انّ الرازي توهّم انّ النزاع في اشتقاقه وعدمه راجع إلى أنّ لفظ الجلالة علم أو لا ؟ فحسب أنّ القول بالاشتقاق ينافي العلمية ثمّ استدل على نفيه بأنّه لو كان مشتقاً لما كان قولنا « لا اله إلاّ الله » تصريحاً بالتوحيد لأنّه حينئذ مفهوم كلّّي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه فلو كان مشتقاً لكان كلّّياً ، ولو كان كذلك لم يكن قولنا « لا إله إلاّ الله » مانعاً من وقوع الشركه (٢).
يلاحظ عليه : أنّه لا مانع من كون لفظ الجلالة مشتقاً من « أله » بأيّ معنى تصوّر ثم يكون علماً للذات بالمناسبة الموجودة بين المنقول منه والمنقول إليه شأن كلّّّ الأعلام المشتقة وسيأتي تمام الكلام في البحث الرابع.
وقد يعبر عن لفظ الجلالة ب « اللّهمّ » قال سبحانه : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ
__________________
(١) مفردات الراغب : مادّة « إله ».
(٢) لوامع البينات : ص ١٠٨ ، وقس على ذلك سائر ما استدلّ به.