تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ ) ( آل عمران / ٢٦ ) ، وحكى سبحانه عن بعض الكافرين قولهم : ( وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ ) ( الأنفال / ٣٢ ) وقد اختلفوا في تفسيره عن « الخليل » وتلميذه « سيبويه » : معناه يا الله والميم المشدّده عوض من ياء النداء وعن « الفرّاء » إنّه كان « يا الله آمنّا بخير » فلمّا كثر في الكلام حذفوا حرف النداء وحذفوا الهمزة من أمّ فصار « اللهمّ » بل حذفوا ضمير المتكلّّم مع الغير أيضاً في « آمنّا ».
قد عرفت وجود الاختلاف في اشتقاق لفظ الجلالة من لفظة « إله » وعدمه كما عرفت اختلاف القائلين بالاشتقاق في المعنى الذي اشتق منه ذلك اللفظ وجعله علماً للذات. هذا وعلى كلّّّ تقدير فلا يتبادر من لفظ الجلالة إلاّ الذات المستجمع لصفات الجمال والجلال ، فهو علم بلا اشكال يعادله ما في سائر لغات العالم ممّا يستعمل في ذلك المجال.
غير أنّه يجب أن يعلم انّ لفظ الجلالة ولفظ « الإله » كانا لا يفهم منهما في عصر نزول القران إلاّ الخالق البارئ للعالم ، وأمّا ما ذكر من المعاني للاله والوجوه المختلفة لاشتقاق لفظ الجلالة منه ، فكلّّها يرجع ـ على فرض الصحّة ـ إلى ما قبل عصر نزول القرآن ، فلعلّه كان يفهم من لفظ « إله » العبادة ، والتحيّر ، والعلو ، والسكون ، والفزع ، أو كان يفهم من لفظ الجلالة الذات الواجدة لاحدى هذه المعاني ، وأمّا في عصر نزول القرآن فلم تكن هذه المعاني مطروحة لأهل اللّغة أبداً لا في لفظ الجلالة ولا في لفظ « الإله » وإنّما المفهوم منهما ما تهدي إليه فطرتهم وتدل عليه عقولهم من البارئ الخالق المدبّر للعالم الذي بيده ناصية كلّ شيء أو ناصية الإنسان على الأقل.سواء كان إلها واقعيّاً أو إلهاً مختلقاً لا يملك من الاُلوهية سوى الاسم كالأصنام المعبودة للعرب وغيرهم.