وقد وردت هذه اللفظة في الذكر الحكيم مرتين الاُولى قوله سبحانه : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) ( الحجرات / ١٣ ) والثانية قوله سبحانه : ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ) ( العلق / ٣ ).
قال الراغب في مفرداته : « الكرم إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر نحو قوله : ( فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) ( النمل / ٤٠ ) وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه.
وعلى ذلك فمعنى قوله ( وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ) اي الأكثر كرماً الذي يفوق عطاؤه ما سواه ، فهو يعطي لا عن استحقاق وما من نعمة إلا وتنتهي إليه سبحانه.
قال الطبرسي : أي الأعظم كرماً فلا يبلغه كرم كريم لأنّه يعطي من الكرم ما لا يقدر على مثله غيره ، فكلّ نعمة توجد فمن جهته تعالى أمّا بأن اخترعها وأمّا بأن سبّبها وسهّل الطريق إليها.
هذا ويمكن أن يقال :
إنّه من الكرم بمعنى الشرف سواء كان في الشيء نفسه أو في خُلق من الأخلاق. يقال : رجل كريم وفرس كريم ، وأمّا السخاء والعطاء والصفح عن ذنب المذنب فهو من آثاره ، قال في المقاييس نقلاً عن ابن قتيبة : الكريم : الصفوح والله تعالى هو الكريم الصفوح عن ذنوب عباده المؤمنين (١) وعلى ذلك فمعنى قوله ( وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ) هو الأكمل في الشرف ذاتاً وفعلاً.
__________________
(١) معجم مقاييس اللغة ج ٥ ص ١٧١ ـ ١٧٢.