الله سبحانه. إنّما الكلام في تعيين المتعلّق ، فربما يقال : إنّه الثواب أي والله خير لنا منك وثوابه أبقى لنا من ثوابك ، وربما يقال : إنّ المتعلّق هو العقاب والمراد : والله خير ثواباً للمؤمنين وأبقى عقاباً للعاصين وهذا جواب لقوله : ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذاباً وأبقى ولكن الظاهر أنّ المراد أوسع من ذلك وكأنّه قيل : إنّما آثرنا غفرانه على احسانك ، لأنّه خير وأبقى أي خير من كلّّ خير وأبقى من كلّّ باق ـ لمكان الاطلاق ـ فلا يؤثر عليه شيء ، وبذلك يعرف معنى المقابلة بين كلام فرعون والسحرة فإنّه يصف نفسه في الاية الاُولى بالأبقى والسحرة تقابله بأنّه سبحانه أبقى.
وقد وردت اللفظة في القرآن ١١ مرّة ووردت توصيفاً له سبحانه مرتين قال : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ( ق / ١٦ ) وقال سبحانه : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ ) ( الواقعة / ٨٥ ) وفسرت الأقربيّة بالعلم : أي نحن أقرب إليه بالعلم من حبل الوريد ويكون معنى الآية : نحن أعلم به. وتحقيق الكلام في مفاد الاية يتوقف على بيان معنى الأقربيّة الواردة فيها فنقول :
إنّ الأقربيّة ليست أقربيّة مكانيّة كما أنّ قربه سبحانه من العبد ليس منحصراً بالافضال عليه بل لقربة سبحانه من العبد ، وأقربيته إليه من حبل الوريد معنى آخر لا يقف عليه إلاّ المرتاض في المعارف الإلهية والخارج عن أسر التعطيل وحبال التشبيه.
انّه سبحانه يصرّح بأنّه مع عباده أينما كانوا ويقول : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) ( الحديد / ٤ ).
ويعد نفسه رابع الثلاثة وسادس الخمسة ويقول : ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( المجادلة / ٧ )