قال الراغب : « الإبداع إنشاءُ صنعة بلا احتذاء واقتداء ، ومنه قيل رَكِيّة بديعة أي جديدة الحضر وإذا استعمل في الله تعالى فهو بمعنى إيجاد الشيء من غير آلة ولا مادّة ولا زمان ولا مكان وليس ذلك إلاّ لله ».
ويؤيّد ذلك قوله سبحانه ( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ ) ( الاحقاف / ٩ ) : أي مبدعاً لم يتقدّمني رسول ، أو مبدعاً في ما أقوله ومنه اشتق البدعة للمذهب وهو إيراد قول لم يستَنّ قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة ومثله قوله سبحانه : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ) ( الحديد / ٢٧ ) (١).
ومنه يظهر أنّ قوله سبحانه « بديع السموات » برهان عقلي على أنّه ليس له ولد ولا صاحبة ، فإنّ مبدع السموات والأرض ومنشئهما هو من أوجدهما لا من شيء ولا على مثال سبق ، وهو لا يجتمع مع اتّخاذ الولد لأنّه فرع اتّخاذ الزوجة أوّلا ، وفرع اللقاح ثانياً ، وفرع الولادة ثالثاً ، والكلّّ ينافي كونه سبحانه بديعاً في فعله ، منشئاً في الإيجاد بلا مادّة ولا مثال سبق.
قال الرازي : « البديع عبارة عن من يوجد الشيء بلا آلة ولا مادّة ولا زمان ولا يخلوا اتّخاذ الولد من واحد منها ، وعلى ذلك فالبديع من صفات الفعل لا من صفات الذات. نعم لو فسّر بأنّه الذي لا مثل له ولا شبيه ، كما يقال هذا شيء بديع إذا كان عديم المثل كان من صفات الذات ، وهو تعالى أولى الموجودات بهذا الاسم والوصف لأنّه يمتنع أن يكون له مثل أزلاً وأبداً » (٢).
قد ورد لفظ « البرّ » ١٥ مرّة في القرآن وقد وقع وصفاً له في آية واحدة. قال
__________________
(١) المفردات : ص ٤٥.
(٢) لوامع البينات : ص ٣٥٠.