نحو ( إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) ( الطور / ٢٨ ) وإلى العبد تارة فيقال : برّ العبد ربّه ، أي توسّع في طاعته ، فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة إلى آخر ما ذكره.
وعلى ذلك فيحتمل أن يكون المراد ، الصادق في ما وعده ، والرحيم بعباده ، واختارها الصدوق ونقله الطبرسي وجهاً ، كما يحتمل أن يكون المراد المحسن ، وإليه يرجع ما يقال أي اللطيف وأصله اللطف مع عظم الشأن (١).
قد ورد لفظ « البصير » في القرآن ٥١ مرّة ووقع اسماً له سبحانه في ٤٣آية كما أنّ « السميع » ورد في الذكر الحكيم ٤٧ مرّة ، ووقع وصفاً له سبحانه في جميع الموارد إلاّ آية واحدة أعني ما ورد في وصف خلق الإنسان. قال سبحانه : ( فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) ( الإنسان / ٢ ). ولنرجع إلى تحقيق المعنى الأصيل للفظ « البصير » والظاهر من ابن فارس أنّ له أصلا واحداً وهو وضوح الشيء ثم اشتقّ منه سائر المعاني ومنها إطلاق اسم « البصر » على العين (٣).
ولكن الظاهر من « الراغب » إنّ المعنى الجذري له هو الجارحة الناظرة ومنه اشتقّ سائر المعاني.
قال : « البصر » يقال للجارحة الناظرة نحو قوله تعالى : ( كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) ( النحل / ٧٧ ) و ( القمر / ٥٠ ) و ( إِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ ) ( الأحزاب / ١٠ ) ويقال للقوّة التي فيها ، ويقال لقوّة القلب المدركة « بصيرة » و « بصر » نحو قوله تعالى : ( فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ( ق / ٢٢ ) وقال : ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَ
__________________
(١) التوحيد للصدوق : ص ٢١٥ ، مجمع البيان ج ٥ ، ص ١١٦.
(٢) لوجود الصلة بين هذين الاسمين ، بحثنا عنهما في حرف الباء.
(٣) مقاييس اللغة ج ١ ، ص ٢٥٣ ـ ٢٥٤.