معنى الاية كفى بالله محاسباً فاحذروا محاسبته في الآخرة كما تحذرون محاسبة اليتيم بعد البلوغ ، وإلى ذلك يرجع تفسيره بأنّه بمعنى « رقيبا » يحاسبهم عليه. فإنّ الحساب لغاية الرقابة والحفظ ، ومثله من فسّره بالحفيظ فانّ الكلّ من الغايات المترتبة على العدّ والحساب. وربّما يحتمل أن يكون من الأصل الأوّل بمعنى « وكفى بالله حسيبا » أي شاهداً على دفع المال إليهم وكفى بعلمه وثيقة.
وأمّا الاية الثانية أعني قوله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) ( النساء / ٨٦ ) فالظاهر أنّه أيضاً من الأصل الأول وإليه يرجع تفسيره ب « حفيظا » فانّ الحفظ نتيجة العدّو الحساب.
وأمّا الاية الثالثة : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( الاحزاب / ٣٩ ) فالظاهر أنّه من الأصل الثاني أي كفى كفاية بقرينة قوله : ( وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ ) ويحتمل أن يكون من الأصل الأوّل أي حافظاً على أعمال خلقه ، ومحاسباً ومجازياً عليها.
وقد ورد « الحفيظ » في القرآن الكريم احدى عشرة مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في آيتين :
قال سبحانه : ( فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) ( هود / ٥٧ ).
وقال سبحانه : ( وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) ( سبأ / ٢١ ).
وفي آية ثالثة جاء وصفاً للكتاب قال سبحانه : ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) ( ق / ٤ ).
وأمّا معناه فقد قال ابن فارس : له أصل واحد يدلّ على مراعاة الشيء ... و