في جميع العصور والحضارات ، وتكون الأحكام والتشريعات المطابقة لتلك الجوهرة المتعالية ثابتة لا تمسّها يد التغيير.
إذا كانت الحكمة بمعنى التحرّز عمّا يجب الاجتناب عنه مما يحكم العقل بقبحه ، فقد تضافر توصيفه سبحانه ب « الحكيم » في القرآن الكريم.
ترى أنّ القرآن الكريم يذكّر بلطيف بيانه انه سبحانه بريء من القبيح وفعل ما يجب التنزّه عنه. قال سبحانه : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ) ( الأعراف / ٢٨ ).
وقال سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ) ( الاعراف / ٣٣ ).
وقال سبحانه : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ( ص / ٢٨ ) وقال سبحانه : ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ ) ( الرحمن / ٦٠ ).
فهذه الآيات تعرب بوضوح أنّ هناك اُموراً توصف بالاحسان والفحشاء والمنكر والبغي والمعروف قبل تعلّق أمر الشارع بها أو نهيه عنها ، وانّ الانسان يجد اتّصاف الأفعال بواحد من هذه العناوين من صميم ذاته ، وليست معرفة الانسان بهذا الاتّصاف موقوفاً على تعلّق حكم الشرع وإنّما دور الشرع هو إرشاد حكم العقل الذي يأمر بالحسن وينهي عن القبيح.
قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( النحل / ٩٠ ).
وبذلك تقف على قيمة كلام الأشعري في جواز تعذيب أطفال الكفّار في الاخرة.