ويشير القرآن إلى كلا هاتين النسبتين في قوله سبحانه :
( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللهَ رَمَىٰ ) ( الأنفال / ١٧ ).
ففي حين يصف النبي الأعظم بالرمي ، إذ يقول بصراحة « إذ رميت » نجده يصف الله بأنّه هو الرامي الحقيقي ، وذلك لأنّ النبي إنّما قام بما قام بالقدرة التي منحها الله له ، فيكون فعله فعلا لله أيضاً ، بل يمكن أن يقال : إنّ انتساب الفعل إلى الله ( الذي منه وجود العبد وقوّته وقدرته ) أقوى بكثير من انتسابه إلى العبد بحيث ينبغي أن يعتبر الفعل فعلاً لله لا غير ، ولكن شدّة الانتساب هذه لا تكون سبباً لأن يكون الله مسؤولاً عن أفعال عباده ، إذ صحيح انّ المقدّمات الأوّلية للظاهرة مرتبطة بالله وناشئة منه إلاّ أنّه لما كان الجزء الأخير من العلّة التامّة هو إرادة الإنسان ومشيئته بحيث لولاها لما تحققت الظاهرة ، يعدّ هو مسؤولاً عن الفعل.
وقد تبيّن حاله ممّا ذكرناه في الاسم السابق.
السادس والثلاثون : « الخبير »
وقد ورد لفظ الخبير في الذكر الحكيم ٤٥ مرّة وجاء اسماً له سبحانه في جميع الموارد ، واستعمل تارة مع « الحكيم » واُخرى مع « البصير » وثالثة مع « العليم » ورابعة مع « اللطيف ».
قال سبحانه : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٨ ).
وقال سبحانه : ( وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) ( الشورى / ٢٧ ).
وقال سبحانه : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ( الحجرات / ١٣ ).