في يد الرجل الفاسق شرّ ، لأنّه يصرفه في العصيان والطغيان ، والله سبحانه خير مطلق لا شرّ فيه ولا يصدر منه الشرّ وليس للشرّ إليه سبيل.
هذا وربّما يطرح هناك سؤال وهو انّه سبحانه لو كان خيراً محضاً فما هو المبدئ للمصائب والآلام التي ملأت العالم كالزلازل الهدّامة والسيول الجارفة والسباع الضارية ، إلى غير ذلك ممّا يسمّى شرّاً.
أقول : هذا ممّا شغل بال الباحثين طيلة سنين وأجابوا عنه بوجوه :
إنّ ما يظن من الحوادث الشاذّة متّسمة بالشرّ إنّما ينبع من نظر الإنسان إلى هذه الاُمور من خلال مصالحه الشخصيّة ويجعلها محوراً وملاكاً لتقييم هذه الاُمور فعندما يراها نافعة لشخصه وذويه ، يصفها بالخير وإلاّ فيصفها بالشرّ ، فهو في هذا الحكم لا ينطلق إلاّ من نفسه ومصالحه الشخصيّة ومن يقرّبه بأواصر القومية ، ولأجل ذلك يصف الطوفان الجارف الذي يكتسح مزرعته ، والسيل العارم الذي يهدّم منزله ، والزلزلة التي تضعضع أركان بيته بالشرّ والبلاء ، ولكنّه يتجاهل غيره من البشر الذين يقطنون في مناطق اُخرى من العالم ، أو الذين عاشوا في غابر الزمان أو يعيشون في مستقبله أن تكون هذه الحوادث مفيدة لأحوالهم وحياتهم ، وما أشبه هذا الإنسان ورؤيته برؤية عابر سبيل ، يرىٰ جرّافة تحفر الأرض أو تهدم أبنية فيقضي من فوره أنّه عمل ضارّ ومسيئ ، وهو لا يدري أنّ ذلك التخريب والتهديم مقدّمة لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهيّئ لمئات الآلاف من المحتاجين إلى العلاج ، ولو وقف على تلك الغاية لما وصف التهديم بالشرّ بل تتلقّاه خطوة نافعة.
إنّ مثل هذا الإنسان المحدود النظرة الأناني في تقييمه مثل الخفّاش الذي يؤذيه النور لأنّه يقبض بصره ، بينما يبسط هذا النور ملايين العيون ، ويساعدها على