الأبصار والرؤية ، ويوفّر لها إمكانيّة الحياة ، فهل يكون قضاء الخفّاش على النور بأنّه شرّ ملاكاً لتقييم هذه الظاهرة ؟
إنّ الحوادث حلقات مترابطة في سلسلة ممتدّة من أوّل الحياة إلى أقصاها ، فما يقع الآن يرتبط بما وقع في أعماق الماضي ، وبما سيقع في المستقبل في سلسلة من العلل والمعاليل والأسباب والمسبّبات ، ومن هنا لا يكون القضاء على ظاهرة من الظواهر بغض النظر عمّا سبقها وما يلحقها ، وتقييمها جملة واحدة ، قضاء صحيحاً وموضوعيّاً ، ولا النظر إليها دون هذا الشكل نظراً صائباً ، وإليك بعضالأمثلة :
إذا وقعت عاصفة على السواحل فإنّها تقطع الأشجار وتهدّم الأكواخ وتقلّب الاثاث ، ويوصف بالشرّ عند القياس إلى النفس ، ولكنّها في الوقت نفسه توجب حركة السفن الشراعيّة المتوقّفة في عرض البحر بسبب سكون الريح ، وبهذا تنقذ حياة المئات من ركابها اليائسين من نجاتهم وتوصلهم إلى شواطئ النجاة.
صحيح انّ العاصفة تهدّم بعض الجدران وتقلع بعض الأشجار ولكنّها تعتبر وسيلة فعّالة في عملية التلقيح بين الأشجار والأزهار ، كما يعتبر وسيلة فعّالة لتحريك السحب الحاملة للمطر ، وتبدّد الأدخنة المتصاعدة من فوهات المصانع والمعامل ، إلى غير ذلك من الآثار الطيّبة لهبوب الرياح التي تتضاءل عندها بعض الآثار السيّئة أو تكاد تنعدم بالمرّة.
وهناك ندرك سرّ قوله سبحانه في الكتاب العزيز عن علم الإنسان وعجزه حيث قال : ( وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) ( الاسراء / ٨٥ ). وقال : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ( الروم / ٧ ).
كلّ ذلك يصدّنا من التسرّع في القضاء والحكم على الحوادث بالشرّ لضآلة علمنا بما جرى في السابق وما يجري حالياً وما سيجري في المستقبل ، وليست هذه الحادثة منفصلة عن الحوادث في الظروف الثلاثة ، فلعلّها بالنسبة إليها تحمل